يشهد ترسانة الصواريخ الصينية توسعًا سريعًا، وتُظهر الخرائط والبيانات الجديدة من وزارة الدفاع الأمريكية حجمها ومدى وصولها. وتُعتبر قوة الصواريخ التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني، وهي الفرع المسؤول عن الصواريخ، قد شهدت نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة مع سعي بكين إلى تطوير منصات جديدة لشن هجمات تقليدية ونووية. وتُمثل هذه القدرات تهديدًا للقوات الأمريكية والحلفاء والشركاء.

يقدم أحدث تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية عن الجيش الصيني تقديرات لعدد المنصات الصاروخية والصواريخ في الترسانة الصينية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وهي جزء أساسي من الردع النووي للبلاد. التقرير يلقي الضوء على التطورات المتسارعة في مجال الأسلحة الصاروخية الصينية ويثير تساؤلات حول الاستقرار الاستراتيجي الإقليمي والعالمي.

توسع هائل في ترسانة الصواريخ الصينية

تشمل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الصينية صواريخ مثل DF-5 و DF-41. وتقدر وزارة الدفاع الأمريكية أن الصين تمتلك 550 منصة إطلاق لصواريخ باليستية عابرة للقارات و400 صاروخ بمديات تتجاوز 5,500 كيلومتر، وهو الحد الأدنى لتصنيفها على أنها صواريخ باليستية عابرة للقارات.

بالإضافة إلى الصواريخ العابرة للقارات، تواصل الصين تطوير وزيادة عدد صواريخها ذات المدى المتوسط والقصير. وتشير التقديرات إلى أن لديها 300 منصة إطلاق لـ 1,300 صاروخ متوسط المدى، مثل DF-21 والصواريخ فائقة السرعة DF-17، والتي تتراوح مدياتها بين 1,000 و 3,000 كيلومتر.

وقد شهدت الصواريخ الباليستية الصينية ذات المدى المتوسط أيضًا زيادة ملحوظة، حيث ارتفع عدد منصات الإطلاق من 250 في العام الماضي إلى 300 هذا العام، وارتفع العدد الإجمالي للصواريخ من 500 إلى 550. هذا النمو يعكس الالتزام الصيني بتحديث وتوسيع قدراتها الصاروخية.

التهديد المحتمل لقواعد الولايات المتحدة في المنطقة

تُثير الصواريخ الباليستية ذات المدى المتوسط، مثل DF-26، قلقًا خاصًا للمخططين الأمريكيين. يُطلق على هذا السلاح لقب “قطار غوام”، ويمكن تزويده برأس حربي تقليدي أو نووي، ويمكنه الوصول إلى المنشآت الأمريكية في جزيرة غوام. كما يمكنه استهداف حاملات الطائرات الأمريكية والسفن الأخرى.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للقاذفات الصينية، مثل H-6، التي تحمل صواريخ كروز CJ-20 أن تهدد أجزاء من ألاسكا. وتظهر الصواريخ DF-27 قدرة متزايدة على الوصول إلى الأراضي الأمريكية الرئيسية، مما يزيد من نطاق التهديد الذي تمثله القدرات العسكرية الصينية.

دور الصواريخ في استراتيجية الصين

يُظهر تقرير وزارة الدفاع الأمريكية أن قوة الصواريخ الصينية مستعدة لشن هجمات صاروخية على أهداف ذات قيمة عالية، بما في ذلك منشآت القيادة والسيطرة التايوانية، والقواعد الجوية، ومواقع الرادار. كما يمكن استخدام هذه الصواريخ لردع أو تأخير تدخل الولايات المتحدة أو حلفائها وشركائها في مساعدة تايوان.

وقد نفذت الصين بالفعل تدريبات عسكرية تضمنت محاكاة هجمات على تايوان، بما في ذلك سيناريوهات الغزو أو الحصار. تُظهر هذه التدريبات تصميم الصين على استخدام قدراتها الصاروخية لتحقيق أهدافها في المنطقة، بما في ذلك توحيد تايوان مع البر الرئيسي.

تشير المعلومات الواردة في التقرير إلى أن الصين أجرت في سبتمبر 2024 اختبارًا لإطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز DF-31B من جزيرة هاينان، في المحيط الهادئ، وكان هذا الاختبار هو أول إطلاق للصواريخ الصينية يتجاوز حدودها منذ الثمانينيات. وتراقب وزارة الدفاع الأمريكية هذه الاختبارات عن كثب، وتشتبه في أنها قد تصبح أكثر انتظامًا في المستقبل.

الأسلحة النووية وتحديث الترسانة

بالإضافة إلى الصواريخ التقليدية، تواصل الصين تطوير وتوسيع ترسانتها النووية. وقد كشف استعراض عسكري في بكين عن صواريخ باليستية عابرة للقارات جديدة، لم يسبق عرضها من قبل. وتقدر وزارة الدفاع الأمريكية أن الصين تمتلك الآن أكثر من 600 رأس حربي نووي، وهي في طريقها إلى امتلاك 1,000 رأس حربي بحلول عام 2030. وعلى الرغم من أن هذا العدد لا يزال أقل بكثير من الترسانات النووية الأمريكية والروسية، إلا أنه يمثل زيادة كبيرة في القدرات النووية الصينية.

من المتوقع أن تستمر الصين في الاستثمار في تحديث وتوسيع ترسانتها الاستراتيجية الصاروخية على المدى الطويل. وسيتطلب ذلك مراقبة دقيقة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، بالإضافة إلى جهود دبلوماسية للحد من خطر التصعيد النووي.

هناك أسئلة معلقة حول الفروق في الجودة والقدرات بين الأسلحة الصينية وتلك الموجودة لدى الولايات المتحدة، وكذلك حول جودة التدريب. تعتقد وزارة الدفاع الأمريكية أيضًا أن الصين لا تزال تتعامل مع تأثير حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد في الجيش، والتي استهدفت بشكل خاص مسؤولين في قوة الصواريخ التابعة لجيش التحرير الشعبي. من غير الواضح حتى الآن كيف ستؤثر هذه التغييرات على قوة الصواريخ الصينية.

تُشير التوقعات إلى أن الصين ستواصل تطوير قدراتها الصاروخية في السنوات القادمة. وستراقب وزارة الدفاع الأمريكية عن كثب التقدم المحرز في هذا المجال، وستعمل على تقييم الآثار المترتبة على الأمن الإقليمي والعالمي. من المتوقع صدور تقارير مستقبلية من وزارة الدفاع الأمريكية توفر تحديثات حول حجم ومدى ترسانة الصواريخ الصينية المتنامية.

شاركها.