حقق الرئيس السابق دونالد ترامب هدفًا رئيسيًا خلال فترة ولايته، وهو تقليص حجم القوة العاملة الحكومية الفيدرالية. ومع ذلك، تشير تقارير وتحليلات حديثة إلى أن هذا التقليص في عدد الموظفين أدى إلى تراجع في كفاءة وموثوقية الحكومة الأمريكية، وفقًا لعديد من المسؤولين الحاليين والسابقين. هذا التغيير يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية بفعالية.
بدأ هذا الاتجاه في عام 2017 مع تولي ترامب منصبه، واستمر طوال فترة رئاسته، وبلغ ذروته في السنوات الأخيرة. وقد شملت الإجراءات تجميد التوظيف، وعروض المغادرة الطوعية، وتسريح بعض الموظفين. الآن، وبعد مرور عام على مغادرة ترامب منصبه، يرى العديد من الخبراء أن تأثير هذه السياسات أصبح أكثر وضوحًا.
تأثير تقليص القوة العاملة الحكومية على الأداء
أحد أبرز الآثار المترتبة على تقليص القوة العاملة هو زيادة أوقات الانتظار للحصول على الخدمات الحكومية. فقد أبلغ المواطنون عن صعوبات في الحصول على المواعيد في مكاتب الضمان الاجتماعي، وتأخر في معالجة طلبات التأشيرات، وزيادة في أوقات الاستجابة لطلبات الحصول على المعلومات.
تأثيرات على وكالات رئيسية
وكالة حماية البيئة (EPA) هي إحدى الوكالات التي تأثرت بشكل كبير بتقليص الموظفين. وفقًا لتقارير داخلية، انخفض عدد المفتشين البيئيين، مما أدى إلى تقليل عدد عمليات التفتيش وزيادة خطر انتهاكات البيئة.
وبالمثل، شهدت وزارة الزراعة (USDA) انخفاضًا في عدد الموظفين العاملين في برامج المساعدة الغذائية، مما أثار مخاوف بشأن قدرة الوكالة على تلبية احتياجات الأسر ذات الدخل المنخفض.
كما أثر انخفاض عدد الموظفين في إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) على قدرة الوكالة على الإشراف على صناعة الطيران، مما أدى إلى تأخيرات في عمليات الموافقة على الطائرات الجديدة والتقنيات المتقدمة. هذا أثر بشكل خاص على قطاع الطيران التجاري.
يرى منتقدو سياسات ترامب أن التركيز على تقليص حجم الحكومة أدى إلى إهمال الاستثمار في الموارد البشرية والتدريب، مما أثر سلبًا على مهارات وكفاءة الموظفين المتبقين.
في المقابل، يجادل مؤيدو هذه السياسات بأن تقليص القوة العاملة كان ضروريًا لتحقيق الكفاءة المالية وتقليل البيروقراطية. ويشيرون إلى أن التكنولوجيا والابتكار يمكن أن يعوضا عن النقص في عدد الموظفين.
ومع ذلك، يرى العديد من المسؤولين السابقين أن التكنولوجيا وحدها لا يمكن أن تحل محل الخبرة والمعرفة التي يتمتع بها الموظفون الحكوميون المدربون. ويؤكدون على أهمية وجود قوة عاملة كافية لضمان تقديم الخدمات الحكومية بشكل فعال وموثوق.
بالإضافة إلى ذلك، يشير الخبراء إلى أن تقليص القوة العاملة قد أدى إلى فقدان المعرفة المؤسسية، حيث غادر العديد من الموظفين ذوي الخبرة الحكومة مع عروض المغادرة الطوعية. وهذا الفقدان يمكن أن يجعل من الصعب على الحكومة الاستجابة للتحديات الجديدة واتخاذ قرارات مستنيرة.
أحد الأمثلة على ذلك هو صعوبة الحكومة في الاستجابة لوباء كوفيد-19 في المراحل الأولى. فقد أدى نقص الموظفين في وكالات الصحة العامة إلى تأخير في جمع البيانات وتحليلها، مما أثر على قدرة الحكومة على احتواء انتشار الفيروس.
التحول الرقمي، الذي كان يُنظر إليه على أنه حل محتمل، لم يكن كافيًا لسد الفجوة. فقد واجهت العديد من الوكالات صعوبات في تنفيذ أنظمة رقمية جديدة وتدريب الموظفين على استخدامها.
الاستثمار في البنية التحتية، وهو مجال آخر تأثر بتقليص القوة العاملة، شهد أيضًا تأخيرات. فقد أدى نقص المهندسين والمفتشين إلى إبطاء وتيرة مشاريع البنية التحتية، مما أثر على النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
الخدمة المدنية، التي تعتبر حجر الزاوية في الديمقراطية الأمريكية، تواجه تحديات متزايدة بسبب تقليص القوة العاملة. فقد أدى انخفاض الروح المعنوية بين الموظفين المتبقين إلى زيادة معدل دوران الموظفين، مما أدى إلى تفاقم المشكلة.
في حين أن الرئيس بايدن قد اتخذ خطوات لزيادة التوظيف الحكومي، إلا أن العملية ستستغرق وقتًا طويلاً. فقد أشار مكتب إدارة الميزانية إلى أن استعادة مستويات التوظيف إلى ما كانت عليه قبل تولي ترامب منصبه قد يستغرق عدة سنوات.
ومع ذلك، فإن التحديات لا تقتصر على مجرد زيادة عدد الموظفين. فقد تحتاج الحكومة أيضًا إلى الاستثمار في تدريب الموظفين وتحديث أنظمتها وعملياتها لضمان قدرتها على تقديم الخدمات بفعالية في القرن الحادي والعشرين.
الخطوة التالية المتوقعة هي نشر تقرير شامل من مكتب إدارة الميزانية حول حالة القوة العاملة الحكومية، والذي من المقرر إصداره بحلول نهاية العام. سيوفر هذا التقرير تقييمًا مفصلاً للتحديات التي تواجه الحكومة ويقدم توصيات بشأن كيفية معالجتها. من غير الواضح ما إذا كانت هذه التوصيات ستؤدي إلى تغييرات كبيرة في السياسة، ولكن من المؤكد أنها ستكون موضع نقاش مكثف في الكونجرس والإدارة.
