شهدت أسعار الفضة تراجعاً حاداً بعد فترة صعود تاريخية، حيث انخفضت بأكثر من 6% في جلسة متقلبة يوم الاثنين. يأتي هذا الانخفاض بعد أن تجاوز سعر الأونصة 80 دولاراً للمرة الأولى، مدفوعاً بشكل كبير بالطلب المتزايد من الصين، خاصةً للمضاربة الاستثمارية. وقد أثارت هذه التقلبات مخاوف بشأن استدامة الارتفاع وتسببت في اتخاذ إجراءات احترازية في الأسواق.

بدأ التراجع بعد موجة صعود قوية دفعت سعر الفضة إلى 84 دولاراً للأونصة في وقت مبكر من يوم الاثنين. ويعزى هذا الارتفاع الملحوظ إلى زيادة كبيرة في الطلب الاستثماري داخل الصين، حيث ارتفعت علاوات الفضة الفورية في شنغهاي بأكثر من 8 دولارات مقارنةً ببورصة لندن، مسجلةً بذلك أكبر فارق أسعار على الإطلاق.

الطلب الصيني والقيود الجديدة على الاستثمار في الفضة

أدى الإقبال الشديد على الفضة في الصين إلى اتخاذ إجراءات مشددة من قبل صناديق الاستثمار. فقد أعلن صندوق الاستثمار الوحيد المخصص حصرياً للفضة عن توقف قبول عملاء جدد بعد تجاهل تحذيرات متكررة بشأن المخاطر المرتبطة بالمضاربة. وقد اتخذت الشركة المديرة للصندوق هذه الخطوة المفاجئة بعد فشل عدة محاولات لتهدئة الحماس الذي غذته منصات التواصل الاجتماعي.

أعربت شركة “يو بي إس إس دي آي سي فند مانجمنت” عن قلقها المتزايد من احتمال تكبد المستثمرين خسائر فادحة في حال انعكاس اتجاه السوق. وقد ارتفعت علاوة الصندوق الأسبوع الماضي إلى أكثر من 60% عن قيمة أصوله الداعمة، وهي عقود الفضة المتداولة في بورصة شنغهاي للعقود الآجلة.

تأثير تصريحات إيلون ماسك وشح الإمدادات

أضافت تصريحات إيلون ماسك، التي سلطت الضوء على أهمية الفضة في العديد من العمليات الصناعية، إلى زخم الاهتمام بالمعدن. جاءت تغريدته رداً على أنباء حول قيود التصدير الصينية، مؤكداً أن هذا التطور “ليس جيداً” نظراً للدور الحيوي الذي تلعبه الفضة في قطاعات مثل الطاقة الشمسية.

بالفعل، يُعد شح الإمدادات أحد العوامل الرئيسية التي تدعم ارتفاع أسعار الفضة. على عكس الذهب، تُستخدم الفضة بكميات كبيرة في الصناعة، وخاصة في تصنيع الألواح الشمسية. ومع انخفاض المخزونات إلى مستويات قياسية، يخشى البعض من حدوث نقص في الإمدادات قد يؤثر على العديد من الصناعات.

تعتبر الإجراءات الصينية استمراراً لسياسات سابقة أعلنت عنها وزارة التجارة في أكتوبر الماضي. وعلى الرغم من أن الصين تعد من بين أكبر ثلاثة منتجين للفضة على مستوى العالم، إلا أن إنتاجها يقتصر بشكل أساسي على الفضة الثانوية الناتجة عن عمليات تعدين المعادن الأخرى. في المقابل، تعتبر الصين أكبر مستهلك للفضة في العالم، وهي ليست من بين كبار المصدرين.

أشار المحلل لدى “تشاينا فيوتشرز”، وانغ يانقينغ، إلى أن “أجواء المضاربة قوية للغاية”، مع وجود “صخب كبير بشأن شح الإمدادات الفورية” وصل إلى مستويات مفرطة. وأضاف أن بعض البورصات تتخذ إجراءات للسيطرة على المخاطر، مثل رفع هوامش بعض عقود الفضة الآجلة في بورصة “كومكس”، وهو ما قد يساهم في تقليل المضاربة.

تحركات الأسعار والمؤشرات الفنية

جاءت موجة الارتفاع الأخيرة بعد شهرين فقط من أزمة شاملة شهدتها سوق الفضة في لندن. أدت التدفقات الكبيرة إلى الصناديق المتداولة وزيادة الصادرات إلى الهند إلى تراجع تدريجي في المخزونات، مما أدى إلى انخفاضها إلى مستويات حرجة.

شهدت الخزائن في لندن تدفقات كبيرة، إلا أن غالبية إمدادات الفضة المتاحة لا تزال في نيويورك. ويترقب التجار نتائج تحقيق أمريكي قد يؤدي إلى فرض رسوم جمركية أو قيود تجارية إضافية على الفضة.

تشير المؤشرات الفنية إلى أن الصعود الأخير في أسعار الفضة كان سريعاً ومبالغاً فيه. فقد سجل مؤشر القوة النسبية للفضة على مدى 14 يوماً قراءة قريبة من 75 نقطة، وهو مستوى يتجاوز عتبة 70 التي تعتبر إشارة إلى تشبع الشراء.

في الساعة 12:19 ظهراً بتوقيت لندن، انخفضت أسعار الفضة الفورية بنسبة 5.5% لتصل إلى 74.95 دولاراً للأونصة، بعد أن سجلت مستوى قياسياً عند 84.01 دولاراً في وقت سابق من الجلسة. كما انخفض سعر الذهب بنسبة 1.7% إلى 2354.74 دولاراً للأونصة، بعد أن بلغ مستوى قياسياً عند 2349.92 دولاراً يوم الجمعة. وتراجع البلاتين بنسبة 6.7%، بينما انخفض البلاديوم بنسبة 13%، مسجلاً أكبر انخفاض له منذ عام 2022.

(تم تحديث الأسعار لتعكس تحركات السوق)

من المتوقع أن تواصل الأسواق مراقبة تطورات الطلب والعرض في الصين، بالإضافة إلى نتائج التحقيقات الأمريكية المحتملة. ستكون بيانات المخزونات العالمية ومستويات الإنتاج عنصراً حاسماً في تحديد مسار أسعار الفضة في الأسابيع والأشهر القادمة. كما أن أي تغييرات في السياسة النقدية للبنوك المركزية الكبرى قد تؤثر على جاذبية المعادن الثمينة كملاذ آمن.

شاركها.