ارتفعت أسعار النفط اليوم، بعد أن شهدت تراجعات في نهاية الأسبوع الماضي، وذلك في ظل تعقيدات جديدة تواجه المحادثات الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، وتعهدات الصين بدعم النمو الاقتصادي. وتأثرت أسواق النفط بشكل خاص بتصريحات متباينة من الأطراف المعنية، بالإضافة إلى المخاوف المستمرة بشأن المعروض العالمي.
وشهد خام غرب تكساس الوسيط ارتفاعًا بنسبة 2.4% ليغلق فوق حاجز 58 دولارًا للبرميل، بينما استقر خام برنت بالقرب من 62 دولارًا. يأتي هذا الارتفاع بعد فترة من الضغوط التي أثرت على الأسعار، والتي كانت تتجه نحو تسجيل خامس انخفاض شهري متتالٍ في ديسمبر.
تطورات الأزمة الأوكرانية وتأثيرها على أسعار النفط
كثفت الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية لحل النزاع في أوكرانيا، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تحقيق تقدم في محادثاته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مارالاغو. ومع ذلك، سرعان ما ظهرت عقبات جديدة، حيث صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن روسيا ستعيد النظر في موقفها التفاوضي ردًا على ما وصفه بهجوم بطائرة مسيرة على أحد مقرات إقامته.
وفقًا لتحليلات “تشاينا فيوتشرز”، فإن عدم تحقيق اختراق في مفاوضات السلام يمثل دعمًا مؤقتًا لأسعار النفط. وتشير التقارير إلى أن القضايا العالقة، مثل مستقبل إقليم دونباس، تزيد من حالة عدم اليقين في السوق.
دعم الصين للنمو الاقتصادي
في سياق منفصل، تعهدت الصين بتوسيع نطاق الإنفاق المالي خلال العام المقبل، وفقًا لبيان صادر عن وزارة المالية الصينية. ويعكس هذا التعهد سعي الحكومة الصينية لتعزيز النمو الاقتصادي في ظل التحديات التي تواجهها، بما في ذلك تباطؤ قطاع العقارات والتوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
تعتبر الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، ومن المتوقع أن تستمر في عمليات التخزين القوية، مما قد يساعد في امتصاص أي فائض في المعروض. هذا الطلب المستمر من الصين يمثل عاملاً رئيسيًا في استقرار أسعار النفط.
التوترات الجيوسياسية تساهم في تقلبات السوق
تتزايد التوترات الجيوسياسية في مناطق رئيسية لإنتاج النفط، مما يضيف إلى حالة عدم الاستقرار في السوق. يناقش الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إمكانية تنفيذ ضربات جديدة على إيران، وذلك على خلفية برنامجها للصواريخ الباليستية وجهودها لإعادة بناء مواقع نووية.
قد تؤدي أي تصعيد للتوترات في الشرق الأوسط، الذي يوفر حوالي ثلث الإمدادات العالمية من النفط، إلى تعطيل تدفقات النفط من المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فرضت إدارة ترامب حصارًا بحريًا جزئيًا على فنزويلا، وهو ما يمثل أكبر انتشار عسكري أمريكي في المنطقة منذ عقود.
وتتهم الولايات المتحدة فنزويلا بتهريب المخدرات، بينما تصف فنزويلا الإجراءات الأمريكية بأنها غير قانونية ومحاولة لزعزعة الاستقرار السياسي. هذه الأحداث تزيد من المخاوف بشأن إمدادات النفط العالمية وتساهم في تقلبات الأسعار.
على الرغم من هذه العوامل الداعمة، لا يزال النفط يتجه نحو تسجيل خامس انخفاض شهري على التوالي في ديسمبر، وهو أطول سلسلة تراجعات منذ أكثر من عامين. ويعزى هذا التراجع بشكل أساسي إلى المخاوف من زيادة المعروض العالمي نتيجة لزيادة الإنتاج من قبل دول أوبك+ ودول أخرى.
تتأثر أسعار النفط أيضًا بعوامل أخرى مثل أسعار صرف العملات، ومستويات المخزونات العالمية، والتوقعات الاقتصادية. وتشير بعض التحليلات إلى أن أسعار النفط قد تشهد مزيدًا من التقلبات في المستقبل القريب.
في الختام، من المتوقع أن تستمر أسعار النفط في التذبذب في المدى القصير، مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن تطورات الأزمة الأوكرانية، والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وفنزويلا. سيكون من المهم مراقبة المفاوضات الدبلوماسية، ومستويات الإنتاج، والطلب العالمي، بالإضافة إلى أي تطورات غير متوقعة في المناطق الرئيسية لإنتاج النفط، لتقييم المسار المستقبلي لأسعار النفط.
