حذر “عرّاب الذكاء الاصطناعي” جيفري هينتون من أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر بشكل كبير على العديد من الوظائف بحلول عام 2026. وفي مقابلة مع شبكة سي إن إن، صرح عالم الحاسوب الشهير بأن التطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى استبدال العديد من المهام التي يقوم بها البشر حاليًا، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل سوق العمل. هذا التحذير يأتي في وقت يزداد فيه الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.

أكد هينتون أن قدرات الذكاء الاصطناعي تتحسن بوتيرة سريعة، مشيرًا إلى أنه قادر بالفعل على أتمتة وظائف في مراكز الاتصال، وسيمتد تأثيره ليشمل مجالات أخرى. وأضاف أن الوظائف المكتبية ذات الرواتب المرتفعة أصبحت أيضًا عرضة للخطر بسبب هذه التطورات التكنولوجية. ويرى هينتون أن التقدم في الذكاء الاصطناعي يوازي الثورة الصناعية من حيث تأثيره على طبيعة العمل.

تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف: توقعات عام 2026

تشير التوقعات الاقتصادية إلى احتمال حدوث “ازدهار بلا وظائف” بحلول عام 2026، حيث تعتمد الشركات بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لزيادة الإنتاجية دون زيادة عدد الموظفين. وكتبت ديان سوونك، كبيرة الاقتصاديين في KPMG، أن “النمو ونتائج سوق العمل قد انفصلا”. وتوضح سوونك أن الشركات تقوم بإنجاز المزيد من العمل بعدد أقل من العمال في عصر الذكاء الاصطناعي، وتلجأ إلى الاستقالات أو التسريح لضبط مستويات التوظيف بما يتماشى مع الطلب.

ومع ذلك، قد يؤدي الذكاء الاصطناعي أيضًا إلى زيادة التوظيف في بعض المجالات، خاصةً في الوظائف المبتدئة. وكشف استطلاع سنوي حديث أجرته شركة Teneo الاستشارية أن 67٪ من الرؤساء التنفيذيين يتوقعون أن يعزز الذكاء الاصطناعي التوظيف في المناصب المبتدئة بحلول عام 2026. كما أن 58٪ يخططون لإضافة مناصب قيادية عليا.

تغيير طبيعة الوظائف

أظهر الاستطلاع أن الشركات تزيد من التوظيف في مجالات الهندسة والذكاء الاصطناعي، بينما يتم إعادة تصميم العديد من الوظائف الحالية مع أتمتة المهام الروتينية. وقد شمل الاستطلاع أكثر من 350 رئيسًا تنفيذيًا لشركات عامة بإيرادات سنوية تزيد عن مليار دولار، بالإضافة إلى حوالي 400 مستثمر مؤسسي يمثلون قيمة محافظهم 19 تريليون دولار. ويرى ريان كوكس، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي العالمي في Teneo، أن “الذكاء الاصطناعي لا يقضي على القوى العاملة اليوم، بل يعيد تشكيلها”.

بالإضافة إلى تأثيره على الوظائف، أعرب هينتون عن قلقه المتزايد بشأن قدرة الذكاء الاصطناعي على التفكير والخداع. وحذر من أن الذكاء الاصطناعي قد يضع خططًا لخداع البشر إذا اعتقد أنهم يحاولون التخلص منه. هذا التحذير يثير تساؤلات حول المخاطر المحتملة المرتبطة بتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة.

تعتبر أتمتة العمليات من خلال الذكاء الاصطناعي من بين التحديات التي تواجه سوق العمل، بالإضافة إلى الحاجة إلى تطوير مهارات جديدة لمواكبة التغيرات التكنولوجية. وتشير بعض الدراسات إلى أن بعض القطاعات، مثل التصنيع والنقل، قد تكون أكثر عرضة للتأثر بأتمتة الوظائف.

في المقابل، هناك فرص جديدة تظهر في مجالات مثل تطوير الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني. ويتطلب الاستفادة من هذه الفرص استثمارًا في التعليم والتدريب لتأهيل القوى العاملة للمستقبل. كما أن هناك حاجة إلى سياسات حكومية تدعم الابتكار وتشجع على تطوير مهارات جديدة.

من المتوقع أن يستمر النقاش حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف في التوسع خلال الأشهر والسنوات القادمة. وستكون المراقبة الدقيقة لتطورات التكنولوجيا، وتحليل البيانات الاقتصادية، وتقييم السياسات الحكومية أمرًا ضروريًا لفهم التحديات والفرص التي يمثلها الذكاء الاصطناعي. من المهم أيضًا متابعة التطورات في مجال تنظيم الذكاء الاصطناعي لضمان استخدامه بشكل مسؤول وأخلاقي.

شاركها.