شهدت السنوات الأخيرة اتجاهًا متزايدًا نحو ما يُعرف بـ “الإجازة الطويلة للبالغين” أو سنة الإجازة، حيث يقرر الأفراد أخذ استراحة مطولة من حياتهم المهنية والالتزامات التقليدية لاستكشاف اهتماماتهم، والسفر، وإعادة تقييم أولوياتهم. هذه الظاهرة ليست مجرد نزوة، بل تعكس رغبة أعمق في إيجاد معنى وهدف أبعد من مجرد النجاح الوظيفي والمادي. شهدت هذه الحركة زخمًا خاصًا بعد جائحة كوفيد-19، حيث أدت إلى إعادة تقييم واسعة النطاق للحياة والعمل.
شاروندا سكوت، فنانة أداء ومضاعفة أداء في لوس أنجلوس، هي واحدة من هؤلاء الأفراد الذين اختاروا خوض تجربة سنة الإجازة. بعد سنوات من العمل في صناعة الترفيه، وجدت نفسها في مفترق طرق، وتسعى إلى تغيير جذري في نمط حياتها. قررت سكوت، البالغة من العمر 37 عامًا، أن تأخذ “إجازة جذرية” بعد فترة من الإرهاق والضغوط.
ما هي سنة الإجازة ولماذا يختارها البعض؟
سنة الإجازة ليست بالضرورة سنة كاملة، بل هي فترة زمنية ممتدة يختارها الفرد للانفصال عن الروتين اليومي والتركيز على النمو الشخصي والتجارب الجديدة. يمكن أن تتضمن هذه الفترة السفر، أو تعلم مهارات جديدة، أو التطوع، أو ببساطة قضاء الوقت في التأمل واكتشاف الذات. يختار البعض هذه الخطوة بعد تحقيق أهداف مهنية معينة، بينما يختارها آخرون كطريقة للتعامل مع الإرهاق أو الأزمات الشخصية.
بالنسبة لسكوت، كان الدافع وراء قرارها هو الشعور بالضغط والإرهاق في صناعة الترفيه، بالإضافة إلى الرغبة في استكشاف العالم بطريقة أكثر عمقًا. بعد انتهاء إضراب الكتاب والممثلين في عام 2024، وجدت سكوت نفسها في وضع مالي غير مستقر، وشعرت بأن نمط حياتها السابق لم يعد مستدامًا.
بداية الرحلة: من لوس أنجلوس إلى الهند
بدأت سكوت رحلتها في الهند، وتحديدًا في جوا، حيث وجدت ترحيبًا وحفاوة غير متوقعة. تحولت إقامتها القصيرة المخطط لها إلى تجربة تحويلية، حيث تعرفت على فتاتين شابتين مررتا بتجارب مؤلمة، وأصبحن صديقات مقربات. ساعدها هذا في إعادة تقييم منظورها للحياة.
بعد الهند، انضمت إليها شقيقتها في رحلة استمرت لعدة أشهر، زارتا خلالها 13 دولة مختلفة. حتى والدة سكوت، التي كانت تخشى السفر بالطائرة، انضمت إليهما في بعض المحطات. تنوعت التجارب بين الانزلاق بالحبال في الرأس الأخضر، وركوب الجمال في المغرب، والغطس في قفص مع أسماك القرش في جنوب إفريقيا.
تأثير السفر على النمو الشخصي
لم تقتصر رحلة سكوت على المغامرات المثيرة، بل شملت أيضًا لحظات هادئة ومؤثرة، مثل مشاركة الوجبات مع السكان المحليين في فيتنام وتايلاند، والتجول في الأسواق المغربية، والمشاركة في المهرجانات والاحتفالات التقليدية. أكدت سكوت أن هذه اللحظات ساهمت في بناء علاقات قوية مع أشخاص من ثقافات مختلفة، مما أثرى تجربتها بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، ساعدها السفر على تطوير مهارات جديدة، مثل إتقان اللغة الإنجليزية كلغة أساسية للتواصل مع الآخرين، وتعلم كيفية التعامل مع المواقف غير المتوقعة. كما اكتشفت سكوت أنها تستطيع بناء مجتمع ودعم اجتماعي في أي مكان تذهب إليه.
العودة إلى الحياة الواقعية وإعادة التفكير في المستقبل
بعد انتهاء رحلتها، عادت سكوت إلى الولايات المتحدة، لتجد نفسها تواجه ما تسميه “صدمة ثقافية عكسية”. أدركت أن هوليوود قد تغيرت بشكل كبير، وأن فرص العمل أصبحت أكثر تناثرًا. ومع ذلك، فإنها تشعر الآن بوضوح أكبر بشأن رؤيتها للمستقبل، حيث تسعى إلى استكشاف مشاريع جديدة في مجال تصوير الأفلام الوثائقية والسفر.
تخطط سكوت للعيش والعمل في الخارج، وتسعى إلى إيجاد طريقة لدمج شغفها بالسفر مع حياتها المهنية. تؤمن بأن سنة الإجازة قد غيرت حياتها إلى الأبد، ومنحتها الحرية والمرونة التي كانت تبحث عنها.
من المتوقع أن يستمر الاهتمام بـ “الإجازة الطويلة للبالغين” في النمو، خاصة مع تزايد الوعي بأهمية الصحة النفسية والتوازن بين العمل والحياة. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه الراغبين في خوض هذه التجربة، مثل التخطيط المالي والتعامل مع الضغوط الاجتماعية. من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، وكيفية تأثيرها على سوق العمل وأنماط الحياة.
