أعلنت الصين عن إطلاق ثلاثة صناديق استثمارية ضخمة بقيمة إجمالية تتجاوز 15 مليار دولار أمريكي، بهدف دعم وتطوير قطاع التكنولوجيا المتقدمة في البلاد. يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه القطاع العالمي ضغوطًا متزايدة بسبب القيود الصينية الأخيرة على صادرات المعادن النادرة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل سلسلة التوريد العالمية للتقنيات الحيوية. وقد تم الإعلان عن هذه الخطوة من قبل قناة الصين المركزية للتلفزيون (CCTV) يوم الجمعة.
تهدف هذه الصناديق، التي تم الانتهاء من خطط المساهمة الرأسمالية لها، إلى توجيه الاستثمارات نحو الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة، مع التركيز بشكل خاص على الشركات التي تقل قيمتها السوقية عن 500 مليون يوان (حوالي 70 مليون دولار أمريكي). وتشمل القطاعات المستهدفة مجالات حيوية مثل أشباه الموصلات، وتكنولوجيا الكم، والطب الحيوي، وواجهات الدماغ والحاسوب، بالإضافة إلى قطاع الفضاء.
صندوق الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة: دعم الابتكار المحلي
يأتي إطلاق هذه الصناديق في سياق جهود الصين المتواصلة لتعزيز استقلاليتها في مجال التكنولوجيا وتقليل اعتمادها على الدول الأخرى، خاصة في المجالات الاستراتيجية. وتسعى بكين إلى أن تصبح رائدة عالميًا في التقنيات المتقدمة، وتعتبر الاستثمار في الشركات الناشئة وسيلة رئيسية لتحقيق هذا الهدف.
معايير الاستثمار والقطاعات المستهدفة
وفقًا للمعلومات الصادرة، لن يتجاوز الاستثمار الفردي في أي شركة 50 مليون يوان (حوالي 7 ملايين دولار أمريكي). بالإضافة إلى القطاعات المذكورة سابقًا، ستنظر الصناديق أيضًا في الاستثمار في مجالات أخرى مثل خدمات الإنترنت، على الرغم من أن التركيز الأساسي سيكون على التقنيات المتقدمة.
يهدف هذا التوجه إلى دعم الشركات التي تعمل على تطوير تقنيات مبتكرة ذات إمكانات نمو عالية، مما يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز القدرة التنافسية للصين في السوق العالمية.
قيود المعادن النادرة وتأثيرها على قطاع التكنولوجيا العالمي
تأتي هذه الخطوة في وقت يواجه فيه قطاع التكنولوجيا العالمي تحديات كبيرة بسبب القيود التي فرضتها الصين على صادرات المعادن النادرة. انخفضت صادرات الصين من المعادن الأرضية النادرة بنسبة 31% على أساس شهري في سبتمبر 2025، لتصل إلى 4000 طن، وهو أدنى مستوى لها منذ فبراير من العام نفسه، وفقًا لبيانات حديثة.
تعتبر المعادن النادرة مكونًا أساسيًا في العديد من التقنيات الحديثة، بما في ذلك الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، والمركبات الكهربائية، والأسلحة المتقدمة. وبحكم هيمنتها شبه المطلقة على هذا القطاع، فإن أي قيود على صادراتها يمكن أن يكون لها تأثير كبير على سلاسل التوريد العالمية والقدرة على إنتاج هذه التقنيات.
سلاسل الإمداد تواجه تحديات كبيرة.
يرى بعض المحللين أن هذه القيود قد تكون ردًا على الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول الغربية للحد من وصول الصين إلى التقنيات المتقدمة. بينما يرى آخرون أنها محاولة من بكين لزيادة نفوذها في السوق العالمية وتعزيز مكانتها كقوة تكنولوجية عظمى.
تداعيات محتملة على المدى الطويل
قد تؤدي القيود المستمرة على صادرات المعادن النادرة إلى ارتفاع أسعار هذه المواد، مما يزيد من تكلفة إنتاج التقنيات التي تعتمد عليها. كما قد تدفع الشركات إلى البحث عن مصادر بديلة للمعادن النادرة، أو إلى تطوير تقنيات جديدة تقلل من اعتمادها عليها.
الابتكار التكنولوجي قد يتأثر بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه القيود إلى تفاقم التوترات التجارية بين الصين والدول الأخرى، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
الخطوات التالية والمستقبل
من المتوقع أن تبدأ الصناديق الاستثمارية الجديدة في عملياتها في الربع الأول من عام 2026، مع التركيز على تحديد وتقييم الشركات الناشئة الواعدة في القطاعات المستهدفة.
في الوقت نفسه، من المهم مراقبة تطورات الوضع المتعلق بقيود صادرات المعادن النادرة، وردود فعل الدول الأخرى على هذه القيود. كما يجب متابعة التطورات في مجال البحث والتطوير في مجال التقنيات المتقدمة، وتقييم تأثيرها على القدرة التنافسية للصين في السوق العالمية.
يبقى مستقبل قطاع التكنولوجيا العالمية غير مؤكد، ويتوقف على العديد من العوامل، بما في ذلك السياسات الحكومية، والابتكارات التكنولوجية، والتطورات الجيوسياسية.
