شهد سوق الذهب العالمي ارتفاعًا ملحوظًا هذا الأسبوع، مع اتساع نطاق الخصومات على الذهب في الهند إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من ستة أشهر، بالتزامن مع تسجيل أسعار الذهب الفورية مستويات قياسية. يعكس هذا التطور تراجعًا في الإقبال على الشراء بالتجزئة في الهند بسبب ارتفاع الأسعار، بينما شهدت الصين انخفاضًا حادًا في الخصومات مقارنةً بالأسبوع الماضي. ويأتي هذا في ظل توقعات بحدوث تخفيضات في أسعار الفائدة الأمريكية وتصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية، مما أثر على حركة أسعار الذهب.

ارتفاع أسعار الذهب وتأثيره على الأسواق العالمية

وصلت أسعار الذهب الفورية إلى مستوى تاريخي جديد بلغ 4,530.60 دولارًا للأونصة، مدفوعةً بالشراء المضاربي القوي والزخم المتزايد في السوق. تضافرت عوامل متعددة لدفع الأسعار إلى هذا الارتفاع، بما في ذلك التوقعات بتبني البنك الفيدرالي الأمريكي سياسة نقدية أكثر ليونة، بالإضافة إلى المخاوف الجيوسياسية المتصاعدة في مناطق مختلفة من العالم. هذا الارتفاع أثر بشكل مباشر على الأسواق الرئيسية مثل الهند والصين.

تراجع الطلب في الهند واتساع الخصومات

في الهند، كشف صاغة مجوهرات أن الإقبال على شراء الذهب تراجع بشكل ملحوظ، خاصة مع تزامن الارتفاع في الأسعار مع فترة السفر والاحتفالات. سجلت الأسعار المحلية للذهب مستوى قياسيًا عند 139,286 روبية (1,550.34 دولارًا) لكل 10 جرامات يوم الجمعة، مما زاد من عزوف المستهلكين. نتيجة لذلك، ارتفعت الخصومات التي يقدمها تجار الذهب في الهند إلى 61 دولارًا للأونصة فوق الأسعار المحلية الرسمية، شاملة رسوم الاستيراد والضرائب.

أكد تجار الذهب في مومباي أن تباطؤ الطلب سيستمر طالما استمرت الأسعار في الارتفاع. ويتوقعون أن يظل الطلب ضعيفًا خلال الأسابيع القادمة ما لم يشهد السوق تصحيحًا كبيرًا في الأسعار. هذا الوضع يثير قلقًا بشأن مبيعات الذهب في الفترة التي تسبق مهرجانات الزواج التقليدية في الهند، والتي عادة ما تشهد زيادة كبيرة في الطلب.

انخفاض الخصومات في الصين على الرغم من ضعف الطلب

في المقابل، شهدت الصين انخفاضًا حادًا في الخصومات على الذهب، حيث تراجعت من 64 دولارًا للأونصة الأسبوع الماضي إلى ما بين 15 و30 دولارًا هذا الأسبوع. يعتبر هذا الانخفاض مفاجئًا نظرًا لأن الطلب في الصين لا يزال ضعيفًا.

وفقًا لبرنارد سين، المدير الإقليمي لشركة MKS PAMP في الصين الكبرى، يعود هذا الانخفاض إلى زيادة الشراء المضاربي مع ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى توقعات بخفض الفائدة الأمريكية وقيود على المعروض بسبب عدم إصدار حصص استيراد جديدة من بنك الشعب الصيني. كما ساهمت قوة اليوان في دعم الأسعار. هذا التطور يشير إلى أن السوق الصيني قد يكون أكثر استجابة للعوامل العالمية مقارنةً بالسوق الهندي.

أداء الذهب في سنغافورة وهونغ كونغ واليابان

في سنغافورة، تم تداول الذهب بعلاوات تتراوح بين 0.50 و3.50 دولارًا للأونصة. وأشار فيرجل فيلاسوتو، مدير Silver Bullion، إلى أن الشراء يتركز بشكل أكبر على الفضة والبلاتين، وأن ارتفاع أسعار الذهب يحفز أوامر الشراء بدافع الخوف من فوات الفرصة لدى المستثمرين.

أما في هونغ كونغ، فقد تم تداول الذهب بالسعر الفوري أو بعلاوة طفيفة تصل إلى دولارين. وفي اليابان، تراوحت الأسعار بين خصم 6 دولارات وعلاوة 0.5 دولار فوق الأسعار الفورية. هذه الاختلافات الإقليمية تعكس ديناميكيات العرض والطلب المحلية والتأثيرات الاقتصادية المختلفة.

نظرة مستقبلية لسوق الذهب

من المتوقع أن يستمر سوق الذهب في التذبذب في المدى القصير، مع استمرار تأثير العوامل الجيوسياسية والاقتصادية العالمية. سيراقب المستثمرون عن كثب قرارات البنك الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، بالإضافة إلى التطورات في الصراعات التجارية والتوترات الإقليمية.

في الهند، يعتمد مستقبل الطلب على قدرة الأسعار على الاستقرار أو الانخفاض. أما في الصين، فقد يستمر الشراء المضاربي في دعم الأسعار، على الرغم من ضعف الطلب على التجزئة. بشكل عام، يظل الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين في أوقات عدم اليقين، ومن المرجح أن يحافظ على مكانته كأصل مهم في محافظ الاستثمار المتنوعة. من المهم متابعة تقارير البنوك المركزية وتحليلات السوق لتقييم المخاطر والفرص المحتملة في سوق الذهب العالمي.

(رويترز)

شاركها.