شهد سعر النحاس ارتفاعاً قياسياً في بورصة شنغهاي، واستمر في الصعود في نيويورك، مما عزز مكاسبه السنوية الكبيرة. يأتي هذا الارتفاع مدفوعاً بتوقعات المستثمرين بشح المعروض العالمي من النحاس بحلول عام 2026، بالإضافة إلى تأثير ضعف الدولار الأمريكي. ويعكس هذا التوجه المتزايد أهمية النحاس في الأسواق العالمية.
في التفاصيل، ارتفعت أسعار النحاس في الصين بنسبة 2.7% لتصل إلى 98780 يواناً (حوالي 14090 دولاراً) للطن الواحد في بورصة شنغهاي للعقود الآجلة. وفي الوقت نفسه، صعدت العقود في بورصة كومكس بنسبة 3% لتسجل 5.743 دولاراً للرطل الواحد. هذا الصعود يمثل أعلى مستوى للأسعار في بورصة كومكس منذ شهر يوليو الماضي.
عوامل صعود أسعار النحاس وتوقعات السوق
حققت المعادن، وعلى رأسها النحاس، مكاسب ملحوظة خلال شهر ديسمبر، لتختتم عاماً تأثرت فيه الأسواق بعوامل متعددة. من بين هذه العوامل، اختلالات سلاسل الإمداد العالمية، وعدم اليقين الجيوسياسي المتزايد، والصدمات التي أثرت على توافر المواد الخام.
يُعتبر النحاس من أهم المعادن الصناعية، ويشهد طلباً متزايداً بسبب دوره المحوري في التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة. تتطلب البنية التحتية للطاقة المتجددة، مثل شبكات الكهرباء والمركبات الكهربائية، كميات كبيرة من النحاس، مما يعزز توقعات ارتفاع الطلب عليه في المستقبل القريب.
في وقت سابق من هذا العام، شهدت العقود الآجلة للنحاس في بورصة كومكس ارتفاعاً حاداً، مدفوعةً بتوقعات بفرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رسوم جمركية على المعدن. على الرغم من أن الإدارة الأمريكية قررت في النهاية استبعاد النحاس من الرسوم الجمركية الأكثر شمولاً، إلا أن هذا القرار يخضع للمراجعة في عام 2026.
تأثير ضعف الدولار على أسعار المعادن
ساهم انخفاض قيمة الدولار الأمريكي في تعزيز صعود أسعار النحاس والمعادن الأخرى. فقد انخفض مؤشر بلومبرغ لقوة الدولار ليصل إلى أكبر خسارة أسبوعية له منذ شهر يونيو. ويجعل ضعف الدولار المواد الخام أرخص بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى، مما يزيد من الطلب عليها.
وبحسب بيانات البورصة، بلغت العقود الآجلة للنحاس في شنغهاي 98370 يواناً للطن الواحد عند الساعة 10:25 صباحاً بالتوقيت المحلي. فيما استقر سعر النحاس في بورصة كومكس عند 5.7205 دولاراً للرطل الواحد.
مخاوف بشأن تأمين إمدادات النحاس المستقبلية
يثير قرار مراجعة الرسوم الجمركية على النحاس في عام 2026 مخاوف بشأن إمكانية حدوث سباق محموم لتأمين الإمدادات. فقد يخشى المشترون في مختلف أنحاء العالم من أن يؤدي فرض الرسوم الجمركية إلى تقليل توافر النحاس، وبالتالي ارتفاع أسعاره بشكل أكبر.
تتزايد أيضاً المخاوف بشأن قدرة شركات التعدين على تلبية الطلب المتزايد على النحاس في السنوات القادمة. فقد تواجه هذه الشركات تحديات في تطوير مناجم جديدة وزيادة الإنتاج من المناجم القائمة، بسبب عوامل مثل القيود التنظيمية ونقص الاستثمارات.
تتوقع بعض المؤسسات المالية، مثل غولدمان ساكس، أن ارتفاع سعر النحاس فوق 11 ألف دولار للطن الواحد قد لا يكون مستداماً على المدى الطويل. ومع ذلك، يرى محللون آخرون أن الطلب القوي على النحاس، بالإضافة إلى محدودية العرض، سيستمر في دعم أسعاره في المستقبل المنظور.
الآفاق المستقبلية وتطورات سوق المعادن
من المتوقع أن تشهد أسواق المعادن مزيداً من التقلبات في الفترة القادمة، مع استمرار العوامل المؤثرة في الأسعار، مثل التوترات الجيوسياسية والتغيرات في السياسات التجارية.
سيراقب المستثعون عن كثب تطورات الوضع الاقتصادي العالمي، وخاصةً أداء الاقتصاد الصيني، الذي يعتبر أكبر مستهلك للنحاس في العالم. كما سيتابعون أي قرارات جديدة تتخذها الإدارة الأمريكية بشأن الرسوم الجمركية على المعادن.
الخطوة التالية الحاسمة ستكون مراجعة الرسوم الجمركية على النحاس في عام 2026. سيكون لهذا القرار تأثير كبير على أسعار النحاس وتوافر الإمدادات. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراقبة التطورات في قطاع تعدين النحاس، بما في ذلك الاستثمارات في مناجم جديدة والتقدم التكنولوجي في عمليات الإنتاج.
