ضعف الدولار يدفع أسعار النحاس إلى قمة تاريخية

سجل سعر النحاس اليوم الأربعاء ارتفاعاً ملحوظاً للجلسة السادسة على التوالي، مقترباً من مستوى قياسي جديد يبلغ 12,300 دولار للطن. يأتي هذا الارتفاع مدفوعاً بتفاؤل بشأن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، وتحسن آفاق الطلب العالمي على المعدن، بالإضافة إلى ضعف الدولار الأمريكي الذي عزز من جاذبية المعادن المقومة به. ويعد هذا الارتفاع المستمر في سعر النحاس مؤشراً قوياً على النشاط الصناعي المتزايد.

ويعكس هذا الأداء القوي أيضاً شهية الصين المتزايدة على النحاس، أكبر مستهلك عالمي للمعدن. حيث ارتفع سعر النحاس في بورصة شنغهاي للعقود الآجلة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، مما يؤكد الطلب القوي من الجانب الصيني. ويدعم هذا الاتجاه أيضاً تدفقات النحاس إلى الولايات المتحدة، وسط توقعات بفرض رسوم جمركية محتملة.

ارتفاع أسعار النحاس: عوامل مؤثرة وآفاق مستقبلية

يعزى الارتفاع الأخير في أسعار النحاس إلى عدة عوامل متضافرة. أولاً، أظهر الاقتصاد الأمريكي نمواً أسرع من المتوقع في الربع الثالث من العام، مما أثار التوقعات بزيادة الطلب على النحاس في قطاعات البناء والتصنيع والبنية التحتية. ثانياً، ساهم ضعف الدولار الأمريكي في جعل النحاس أرخص للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى، مما زاد من الطلب عليه.

تأثير الاقتصاد الأمريكي والدولار

وفقاً لتقارير اقتصادية، شهد الاقتصاد الأمريكي نمواً بنسبة 4.9% في الربع الثالث، وهو أسرع معدل نمو منذ عام 2021. وقد عزز هذا النمو الثقة في الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى زيادة الطلب على المعادن الصناعية مثل النحاس. بالإضافة إلى ذلك، يتجه الدولار الأمريكي لتسجيل أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من عقدين، وذلك بسبب توقعات المستثمرين بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في العام المقبل.

الطلب الصيني المتزايد

تعتبر الصين أكبر مستهلك للنحاس في العالم، والطلب الصيني يلعب دوراً حاسماً في تحديد أسعار المعدن. وقد شهدت بورصة شنغهاي ارتفاعاً في سعر النحاس إلى مستوى قياسي، مما يشير إلى أن الطلب الصيني لا يزال قوياً. علاوة على ذلك، ارتفعت علاوة يانغشان، وهي مؤشر على شهية الصين لاستيراد النحاس، إلى أعلى مستوى لها منذ سبتمبر، مما يؤكد هذا الاتجاه.

تشير بعض التحليلات إلى أن الصين قد تكون تشتري النحاس الفعلي بكميات كبيرة للاستفادة من الظروف الحالية وتأمين الإمدادات. هذا النشاط الشرائي قد يدفع الأسعار إلى مزيد من الارتفاع في المدى القصير.

أداء المعادن الأخرى في السوق

لم يقتصر الارتفاع على سعر النحاس وحده، بل امتد ليشمل مجموعة واسعة من المعادن الأخرى. ارتفع سعر الألمنيوم بنسبة 0.6% ليصل إلى 2,956 دولاراً للطن، وهو أعلى مستوى له منذ مايو 2022. كما شهد الزنك والرصاص والقصدير مكاسب ملحوظة، حيث ارتفعت أسعارهم بنسب متفاوتة.

واستمر النيكل في تحقيق مكاسب قوية، مرتفعاً بنسبة 0.6% إلى 15,835 دولاراً للطن، مدفوعاً بتوقعات بخفض إندونيسيا لإنتاج خام النيكل في العام المقبل. هذا التخفيض المحتمل في الإنتاج قد يؤدي إلى نقص في المعروض، مما يدفع الأسعار إلى الأعلى.

من الجدير بالذكر أن قاعة التداول المفتوح في بورصة لندن للمعادن ستغلق أبوابها مبكراً اليوم، استعداداً لعطلة عيد الميلاد. وستتوقف البورصة عن العمل يومي الخميس والجمعة.

يتوقع المحللون أن يستمر سعر النحاس في التذبذب في الفترة المقبلة، مع مراقبة عن كثب التطورات الاقتصادية في الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى أي تغييرات في سياسة الدولار الأمريكي. كما أن تطورات المعروض من النحاس، وخاصة من الدول المنتجة الرئيسية، ستلعب دوراً مهماً في تحديد مسار الأسعار. من المتوقع أن تشهد الأسواق مزيداً من الوضوح بعد عودة التداول في بداية العام الجديد.