يتوقع كبار المستثمرين نمواً ملحوظاً في استراتيجية “تجارة الفائدة” عبر الأسواق الناشئة خلال عام 2026، بعد أن حققت هذه الاستراتيجية أداءً قوياً في العام الحالي. يعتمد هذا التوقع على استمرار الفجوة في أسعار الفائدة بين الدول المتقدمة والناشئة، بالإضافة إلى ضعف الدولار الأمريكي وتقلبات أسواق الصرف المعتدلة. وتشير التقديرات إلى أن هذه الاستراتيجية قد تواصل جذب رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة، مما يعزز عوائد المستثمرين.

تستفيد “تجارة الفائدة” من الاختلافات في أسعار الفائدة بين البلدان. حيث يقترض المستثمرون أموالاً من دول ذات أسعار فائدة منخفضة ويستثمرونها في دول ذات أسعار فائدة أعلى، بهدف تحقيق ربح من الفرق بينهما. وقد ساهمت الظروف الاقتصادية الحالية في تهيئة بيئة مواتية لهذه الاستراتيجية، مما أدى إلى زيادة الإقبال عليها.

عوائد مغرية لـ تجارة الفائدة في الأسواق الناشئة

شهدت الأسواق الناشئة عوائد جذابة في عام 2025، مدفوعة بتقنيات “تجارة الفائدة”. وقد انعكس ذلك إيجاباً على أداء الأسهم والسندات والعملات في هذه الأسواق. على سبيل المثال، شهدت عملتا البرازيل وكولومبيا ارتفاعاً ملحوظاً مقابل الدولار الأمريكي، حيث سجلتا مكاسب تتجاوز 13%.

ويرجع هذا الأداء القوي إلى عدة عوامل، بما في ذلك السياسات النقدية المتساهلة التي تتبعها البنوك المركزية في الدول المتقدمة، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. يتوقع الخبراء أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل القريب، مما سيؤدي إلى استمرار ضعف الدولار الأمريكي.

توقعات المستثمرين والبنوك

أعرب عدد كبير من مديري الأصول والبنوك عن تفاؤلهم بشأن مستقبل “تجارة الفائدة”. فقد توقعت مؤسسات مالية كبرى مثل “فانغارد غروب” و”إنفيسكو” و”غولدمان ساكس غروب” وبنك أوف أميركا استمرار الفجوة في أسعار الفائدة بين الأسواق المتقدمة والناشئة. ويرون أن هذا الوضع سيستمر في دعم جاذبية الاستثمار في الأسواق الناشئة.

وقال غوركي أوركيتا، الرئيس المشارك لقسم ديون الأسواق الناشئة في “نيوبيرغر بيرمان”، إن “تجارة الفائدة” لا تزال تقدم قيمة، خاصة في الدول ذات العوائد المرتفعة مثل البرازيل وكولومبيا وبعض الأسواق الأفريقية. لكنه أضاف أن الفرص أصبحت أكثر انتقائية بعد الأداء القوي الذي شهدناه هذا العام.

من جانبه، أكد ويم فاندنهويك، الرئيس المشارك لقسم ديون الأسواق الناشئة في “إنفيسكو”، أن ضعف الدولار الأمريكي سيساهم في استمرار “تجارة الفائدة” كمصدر للربح. وتوقع ارتفاعاً في قيمة الريال البرازيلي والليرة التركية والراند الجنوب أفريقي، بالإضافة إلى عملات أخرى.

مخاطر وتحديات محتملة

على الرغم من التوقعات الإيجابية، إلا أن هناك بعض المخاطر والتحديات التي قد تؤثر على أداء “تجارة الفائدة”. أحد أهم هذه التحديات هو تقلبات أسعار الصرف. فإذا تحركت العملة بشكل غير موات، فقد يؤدي ذلك إلى تآكل المكاسب التي تحققت من فرق أسعار الفائدة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مسار الاقتصاد الأمريكي يلعب دوراً حاسماً في تحديد استمرار هذا الأداء. فإذا شهد الاقتصاد الأمريكي نمواً قوياً، فقد يدفع ذلك الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة، مما يقلل من جاذبية “تجارة الفائدة”. في المقابل، إذا دخل الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة النفور عن المخاطرة، مما يؤثر سلباً على الأسواق الناشئة.

وتشير بعض التحليلات إلى أن تقلبات أسعار الصرف قد تزداد في الأشهر المقبلة، بسبب عوامل مثل الانتخابات النصفية في الكونغرس الأمريكي والاختلافات في السياسات النقدية بين البنوك المركزية. ومع ذلك، يرى البعض الآخر أن حدة الاضطرابات السوقية قد تراجعت، وأن البيئة العامة لا تزال مواتية لـ “تجارة الفائدة”.

في الختام، من المتوقع أن تشهد “تجارة الفائدة” نمواً مستمراً في الأسواق الناشئة خلال عام 2026، مدفوعة باستمرار الفجوة في أسعار الفائدة وضعف الدولار الأمريكي. ومع ذلك، يجب على المستثمرين مراقبة المخاطر والتحديات المحتملة، مثل تقلبات أسعار الصرف والمسار الاقتصادي للولايات المتحدة، واتخاذ قراراتهم الاستثمارية بناءً على تقييم دقيق لهذه العوامل. وستظل تطورات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي عنصراً رئيسياً يجب مراقبته في الأشهر القادمة.

شاركها.