أعلنت وكالة أنباء شينخوا الصينية الرسمية عن عدم نجاح المرحلة الأولى من صاروخ لونغ مارش 12A الصيني القابل لإعادة الاستخدام في الهبوط والعودة بنجاح خلال رحلته التجريبية الأولى يوم الاثنين. يأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه الصين جهودها لتطوير تكنولوجيا الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام وتقليص الفجوة التكنولوجية مع الشركات الأمريكية الرائدة مثل سبيس إكس. نجحت المرحلة الثانية من الصاروخ في الوصول إلى مدارها المحدد، وفقًا للتقرير.
تم إطلاق الصاروخ من مركز الإطلاق في وهاي، مقاطعة شاندونغ، كجزء من برنامج طموح يهدف إلى خفض تكاليف الوصول إلى الفضاء. هذه المحاولة تمثل الخطوة الثانية للصين في هذا المجال، بعد محاولة سابقة أجرتها شركة لاندسبيس في وقت سابق من هذا الشهر.
أهمية تطوير الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام في الصين
تعتبر القدرة على إعادة استخدام الصواريخ أمرًا بالغ الأهمية لخفض تكاليف إطلاق الأقمار الصناعية وغيرها من المهام الفضائية. تقليديًا، كانت الصواريخ تُهدر بعد استخدام واحد، مما يجعل الوصول إلى الفضاء مكلفًا للغاية. إعادة الاستخدام تسمح بتقليل هذه التكاليف بشكل كبير، مما يفتح الباب أمام المزيد من المشاريع الفضائية.
وقد أظهرت شركة سبيس إكس، بقيادة إيلون ماسك، نجاحًا كبيرًا في تطوير وإعادة استخدام صواريخها من عائلة فالكون 9. هذا النجاح منح سبيس إكس هيمنة شبه كاملة على سوق إطلاق الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض، وهو سوق يشهد نموًا سريعًا.
التنافس مع سبيس إكس ونظام ستارلينك
تسعى الصين جاهدةً لمواكبة التقدم الذي أحرزته سبيس إكس، خاصةً في ظل التوسع الكبير لنظام ستارلينك للإنترنت عبر الأقمار الصناعية. فالوصول إلى المدار الأرضي المنخفض ضروري لنشر مثل هذه الأنظمة، وإذا لم تتمكن الصين من تطوير تقنيات الفضاء الخاصة بها، فقد تواجه صعوبة في المنافسة.
في بداية هذا الشهر، أصبحت شركة لاندسبيس، وهي شركة صواريخ صينية خاصة، أول كيان صيني يجري اختبارًا كاملاً لإطلاق صاروخ قابل لإعادة الاستخدام، حيث أطلقت القمر الصناعي تشوكي-3. ومع ذلك، لم تنجح الشركة في هبوط المرحلة الأولى من الصاروخ بنجاح، مما يبرز التحديات التقنية الكبيرة التي تواجهها.
الآن، مع محاولة لونغ مارش 12A، تواصل الصين استكشاف مسارات مختلفة لتحقيق هذا الهدف. تطوير المركبات الفضائية القابلة لإعادة الاستخدام يمثل جزءًا أساسيًا من خططها لتوسيع نطاق برنامجها الفضائي.
دور شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية
صاروخ لونغ مارش 12A هو من تطوير شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية، وهي مؤسسة حكومية ضخمة تضم أكثر من 100 ألف موظف. تعتبر هذه الشركة المقاول الرئيسي للصواريخ في برنامج الفضاء الصيني، وتلعب دورًا حاسمًا في تطوير القدرات الفضائية للبلاد.
في المقابل، تعمل لاندسبيس كشركة ناشئة أصغر بكثير، حيث يبلغ عدد موظفيها أقل من ألفي شخص. هذا التباين في الحجم والموارد يعكس الاختلافات في النهج بين القطاعين العام والخاص في الصين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير تكنولوجيا الإطلاق القابلة لإعادة الاستخدام يمثل تحديًا هندسيًا معقدًا يتطلب حلولًا مبتكرة في مجالات مثل الديناميكا الهوائية، وأنظمة الدفع، وأنظمة التحكم. يتطلب الأمر أيضًا استثمارات كبيرة في البحث والتطوير والبنية التحتية.
تعتبر هذه المحاولات جزءًا من جهود أوسع تبذلها الصين لتعزيز مكانتها كقوة فضائية عالمية. تستثمر الصين بكثافة في جميع جوانب استكشاف الفضاء، بما في ذلك تطوير الأقمار الصناعية، والمركبات الفضائية المأهولة، ومحطات الفضاء.
من المتوقع أن تستمر الصين في إجراء المزيد من الاختبارات والرحلات التجريبية لتقنيات الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام في الأشهر والسنوات القادمة. سيكون من المهم مراقبة التقدم الذي تحرزه الشركات الصينية، سواء كانت حكومية أو خاصة، في هذا المجال. النجاح في تطوير هذه التقنيات سيسمح للصين بخفض تكاليف الوصول إلى الفضاء، وزيادة قدرتها التنافسية في سوق الفضاء العالمي، وتحقيق أهدافها الطموحة في استكشاف الفضاء.
في الوقت الحالي، لا يوجد جدول زمني محدد لمتى يمكن للصين أن تنجح في إطلاق صاروخ قابل لإعادة الاستخدام بشكل كامل. ومع ذلك، فإن الاستثمار المستمر والتركيز على الابتكار يشيران إلى أن الصين عازمة على تحقيق هذا الهدف في نهاية المطاف.
