شهد الوون الكوري الجنوبي ارتفاعاً ملحوظاً بعد تصريحات رسمية من السلطات الكورية الجنوبية، أشارت إلى أن الانخفاض الحاد في قيمة العملة أمر غير مقبول، وأن الحكومة تستعد للتدخل في أسواق الصرف الأجنبي بشكل “حاسم”. يأتي هذا التحرك في ظل تراجع الوون إلى مستويات قريبة من أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية عام 2009، مما أثار مخاوف بشأن استقرار الاقتصاد الكوري.
أعلن البنك المركزي الكوري الجنوبي ووزارة المالية، في بيان مشترك، أنهما عقدا اجتماعات مكثفة خلال الأسبوعين الماضيين لمناقشة أسباب ضعف الـوون. بالإضافة إلى ذلك، كشفت وزارة المالية عن حزمة من الإجراءات الضريبية الجديدة التي تهدف إلى دعم استقرار سوق الصرف، بينما بدأت خدمة المعاشات الوطنية في اتخاذ إجراءات للتحوط الاستراتيجي ضد تقلبات العملة.
قفزة الـوون الكوري الجنوبي
ارتفع الـوون بنسبة تصل إلى 1.4% ليصل إلى 1460 مقابل الدولار الأمريكي، بعد الإعلان عن هذه الإجراءات. كان الـوون قد انخفض سابقاً إلى 1484.65 للدولار، وهو مستوى قريب من أدنى قيمة له منذ الأزمة المالية العالمية. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه التحركات تعكس رغبة قوية من السلطات في تصحيح الاختلالات في سوق الصرف.
أفادت وزارة المالية بأنها ستطلق خطة لتحفيز عودة رؤوس الأموال الاستثمارية من الخارج، بالإضافة إلى دعم شركات الوساطة لإنشاء منتجات مالية جديدة مصممة للمستثمرين الأفراد. تهدف هذه الخطوات إلى زيادة الطلب على الـوون وتعزيز قيمته.
وفي الوقت نفسه، تقوم خدمة المعاشات الوطنية بتنفيذ استراتيجية تحوط جديدة للصرف الأجنبي، بدلاً من مجرد تمديد المعاملات القائمة. يُفسر هذا الإجراء على أنه يشير إلى أن التحوط سيكون أكثر انتظاماً واستدامة، مما يعزز الثقة في الـوون.
الإجراءات الداعمة للـوون
تأتي هذه الإجراءات بعد اقتراب الـوون من المستوى النفسي الهام البالغ 1500 مقابل الدولار، وهو مستوى لم يتم تجاوزه إلا في أوقات الأزمات الاقتصادية الكبرى. وقد بدأت خدمة المعاشات الوطنية بالفعل في بيع الدولارات لدعم الـوون، بينما قررت شركات الوساطة وقف الترويج للأسهم الأجنبية.
يشير المحللون إلى أن تصعيد السلطات الكورية الجنوبية لتدخلها في سوق العملة يأتي في وقت حرج، حيث يقترب سعر صرف الدولار مقابل الـوون من نطاق كان محورياً خلال العام الماضي. مع ضعف السيولة في الأسواق في هذا الوقت من العام، كان السماح باستمرار ارتفاع سعر الدولار قد يزيد من مخاطر التقلبات في شهر يناير المقبل.
على الرغم من هذا الارتفاع الأخير، لا يزال الـوون متراجعاً بنحو 8% منذ نهاية يونيو، مما يجعله أسوأ أداء بين العملات الآسيوية خلال هذه الفترة. يعزى هذا التراجع إلى خروج رؤوس الأموال الأجنبية، على الرغم من الطفرة في صادرات أشباه الموصلات، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات المحلية في الخارج، والمخاوف بشأن تأثير الاستثمارات الأمريكية.
التدخلات الإقليمية في أسواق العملات
لم تقتصر جهود دعم العملات على كوريا الجنوبية فقط. فقد ارتفع الين الياباني أيضاً هذا الأسبوع بعد تصريحات من وزيرة المالية اليابانية ساتسوكي كاتاياما، أكدت فيها أن البلاد لديها “حرية كاملة” لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد تحركات العملة التي لا تتوافق مع الأساسيات الاقتصادية. تأتي هذه التصريحات وسط تكهنات متجددة بأن وزارة المالية اليابانية قد تتدخل مباشرة في سوق الصرف الأجنبي.
تُظهر هذه التدخلات الإقليمية مدى القلق المتزايد بشأن تقلبات أسعار الصرف وتأثيرها على الاقتصادات المحلية. وتشير إلى أن الحكومات والبنوك المركزية مستعدة لاتخاذ إجراءات لحماية عملاتها ودعم استقرارها المالي.
من المتوقع أن تواصل السلطات الكورية الجنوبية مراقبة سوق الصرف عن كثب، وقد تتخذ المزيد من الإجراءات إذا لزم الأمر. سيكون من المهم مراقبة تطورات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وتأثيرها على تدفقات رأس المال العالمية، بالإضافة إلى أداء الصادرات الكورية الجنوبية. يبقى مستقبل الـوون غير مؤكد، لكن التدخلات الأخيرة تشير إلى التزام الحكومة بدعم عملتها.
