توصل صندوق النقد الدولي ومصر إلى اتفاق بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من الصندوق، بعد تأخير استمر لعدة أشهر. يمثل هذا الاتفاق خطوة مهمة نحو استقرار الاقتصاد المصري، حيث أشاد الصندوق بالإصلاحات التي نفذتها مصر وأشار إلى مؤشرات نمو قوية. ومن المتوقع أن يساهم هذا الاتفاق في تحسين مناخ الاستثمار وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

أكد صندوق النقد الدولي على أن مصر أحرزت تقدماً ملحوظاً في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأن الأداء الاقتصادي العام يشير إلى تحسن مستمر. ومع ذلك، لا يزال من الضروري استكمال الإصلاحات الهيكلية لضمان استدامة النمو الاقتصادي على المدى الطويل. ومن المنتظر أن يخضع الاتفاق لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق، مما يتيح لمصر الحصول على شريحة جديدة من القرض البالغ 8 مليارات دولار.

الاقتصاد المصري: مسار الإصلاح والتحديات المستقبلية

أشاد صندوق النقد الدولي بالتحسن الملحوظ في ميزان المدفوعات المصري، على الرغم من الظروف الخارجية الصعبة. وقد ساهمت تحويلات العاملين في الخارج وعائدات السياحة في دعم ميزان المدفوعات، بالإضافة إلى النمو القوي في الصادرات غير النفطية. وبحسب الصندوق، بلغ الفائض الأولي في الميزانية العامة 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024/2025، مما يعكس الانضباط المالي الذي تتبعه الحكومة المصرية.

أداء الاقتصاد الكلي

أشار صندوق النقد الدولي إلى أن السياسة النقدية المتشددة التي يتبعها البنك المركزي المصري ساهمت في خفض معدلات التضخم. كما أشاد الصندوق بالأداء القوي للإيرادات الضريبية، مما ساعد على تعزيز الإيرادات العامة للدولة. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه المؤشرات الإيجابية تعكس التزام الحكومة المصرية بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.

توصيات صندوق النقد الدولي

أوصى صندوق النقد الدولي مصر بالاستمرار في سياستها المالية الهادفة إلى خفض الدين العام، مع إعطاء الأولوية للإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفاً. كما دعا الصندوق إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، وخاصة تلك المتعلقة بدور الدولة في الاقتصاد، وبرنامج الخصخصة، وتحقيق تكافؤ الفرص. ويرى الصندوق أن هذه الإصلاحات ضرورية لخلق بيئة جاذبة للاستثمار وتشجيع نمو القطاع الخاص.

أكد صندوق النقد الدولي على أهمية الانتقال نحو نموذج اقتصادي أكثر استدامة، من خلال تسريع وتيرة الإصلاحات التي تهدف إلى توسيع دور القطاع الخاص في الاقتصاد. ويرى الصندوق أن تعزيز دور القطاع الخاص سيساهم في خلق فرص عمل جديدة وزيادة الإنتاجية وتحقيق نمو اقتصادي شامل.

يرى جيسون توفي، نائب كبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، أن اتفاق الصندوق مع مصر يمثل خطوة إيجابية ستلقى ترحيباً من المستثمرين. وأضاف أن تدفقات الاستثمارات من دول الخليج، بالإضافة إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري، قد عززت المركز الخارجي لمصر، مما قلل من أهمية الأموال المقدمة من صندوق النقد.

من جهتها، صرحت نعمة الله شكري، رئيس قسم البحوث بشركة اتش سي لتداول الأوراق المالية، بأن بيان الصندوق إيجابي بشكل عام، ويشير إلى التحسن في المؤشرات الاقتصادية المصرية على الرغم من الضغوط الخارجية. وأوضحت أن الصندوق أكد على النقاط التي يجب على مصر التركيز عليها لتحقيق تحسن ملحوظ، وهي زيادة الإيرادات الضريبية، وخفض الدين العام، وتسريع وتيرة بيع الأصول العامة، وإتاحة المجال للقطاع الخاص.

يُذكر أن مصر قد حصلت حتى الآن على 3.2 مليار دولار من إجمالي قرض بقيمة 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. كما اتفقت مصر على قرض إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار في إطار تسهيل المرونة والاستدامة، ومن المتوقع أن تحصل على الشريحة الأولى من هذا القرض قريباً.

الخطوة التالية هي الحصول على موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على المراجعتين الخامسة والسادسة، والتي من المتوقع أن تتم خلال الأسابيع القليلة القادمة. سيحدد المجلس التنفيذي أيضاً قيمة الشريحة الجديدة من القرض التي ستحصل عليها مصر. من المهم متابعة تطورات هذه العملية، بالإضافة إلى استمرار مصر في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية لضمان استدامة النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

شاركها.