أعلنت شركة نفيديا (Nvidia)، الرائدة في مجال تصنيع وحدات معالجة الرسوميات، عن اتفاقية ترخيص مع شركة جروك (Groq)، وهي شركة ناشئة متخصصة في تطوير الأجهزة المخصصة للذكاء الاصطناعي. تأتي هذه الخطوة في ظل الاهتمام المتزايد بتقنيات الذكاء الاصطناعي والطلب المتزايد على البنية التحتية اللازمة لتشغيلها. وقد تم الإعلان عن هذه الصفقة يوم الأربعاء، مما يعزز مكانة نفيديا في سوق الذكاء الاصطناعي المتنامي.

وبموجب الاتفاقية، سينضم عدد من المديرين التنفيذيين في جروك، بمن فيهم المؤسس والرئيس التنفيذي جوناثان روس، إلى فريق نفيديا. ومع ذلك، من المتوقع أن تستمر جروك في العمل بشكل مستقل، حيث وصفت الاتفاقية بأنها ترخيص غير حصري. تُظهر هذه الصفقة تحولًا في استراتيجيات الاستحواذ في وادي السيليكون.

نفيديا وجروك: شراكة في عالم الذكاء الاصطناعي

تشتهر جروك بوحدة معالجة اللغة الخاصة بها (Language Processing Unit – LPU)، وهي شريحة مخصصة مصممة خصيصًا لتسريع عمليات الاستدلال في الذكاء الاصطناعي. الاستدلال هو المرحلة التي تستخدم فيها نماذج الذكاء الاصطناعي المدربة لاتخاذ قرارات أو تقديم تنبؤات. وقد بلغت قيمة الشركة الناشئة حوالي 6.9 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الماضية، وجمعت حوالي 750 مليون دولار في أحدث جولة تمويل لها.

يُذكر أن جوناثان روس ودوجلاس وايتمن كانا مهندسين في جوجل، حيث لعبا دورًا رئيسيًا في تطوير شرائح TPU الأولى للشركة، قبل أن يغادرا لتأسيس جروك. تُعد شرائح TPU منافسًا رئيسيًا لوحدات معالجة الرسوميات (GPUs) من نفيديا في مجال تسريع مهام التعلم الآلي. هذه الخبرة تجعل إضافة فريق جروك ذات قيمة خاصة لشركة نفيديا.

تزايد صفقات “الاستحواذ على المواهب”

تأتي هذه الصفقة في سياق اتجاه صاعد في وادي السيليكون يتمثل في صفقات “الاستحواذ على المواهب” (Acqui-hire). بدلاً من الاستحواذ الكامل على شركة ناشئة أو طرحها للاكتتاب العام، تركز هذه الصفقات على ضم فريق العمل الموهوب، وخاصةً أولئك الذين يتمتعون بمهارات متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي.

في وقت سابق من هذا العام، وافقت جوجل على دفع 2.5 مليار دولار لترخيص تقنية شركة Character.AI، لكنها وظفت فقط المؤسسين المشاركين و 20٪ من موظفي الشركة. وبالمثل، أبرمت شركتا Adept و Inflection صفقات مماثلة مع أمازون ومايكروسوفت على التوالي.

أحد أكبر الأمثلة على هذا الاتجاه هو استثمار شركة ميتا (Meta) حوالي 14 مليار دولار للحصول على حصة 49٪ في شركة Scale AI، بالإضافة إلى ضم الرئيس التنفيذي للشركة، ألكسندر وانغ، لقيادة مختبرات ميتا للذكاء الفائق. هذه الاستثمارات الضخمة تعكس الأهمية المتزايدة للمواهب في مجال التعلم الآلي.

مخاطر محتملة لصفقات الاستحواذ على المواهب

ومع ذلك، لا تسير هذه الصفقات دائمًا على ما يرام. فقد وجد موظفو شركة Windsurf أنفسهم في وضع غير مؤكد بعد فشل صفقة الاستحواذ المحتملة من قبل OpenAI بقيمة 3 مليارات دولار. في النهاية، قامت جوجل بتوظيف الرئيس التنفيذي وأفضل المهندسين في Windsurf، بينما تم الاستحواذ على بقية الموظفين من قبل شركة أخرى، Cognition.

تُظهر هذه الحالات أن صفقات الاستحواذ على المواهب يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير متوقعة، وأنها قد لا تفيد جميع الموظفين في الشركة المستهدفة. قد يجد بعض الموظفين أنفسهم بلا عمل أو يعملون في شركة لا تتناسب مع طموحاتهم المهنية.

لم يتم الكشف عن الشروط المالية للاتفاقية بين نفيديا وجروك. لكن هذه الصفقة تؤكد على المنافسة الشديدة في سوق أشباه الموصلات، وعلى سعي الشركات الكبرى للاستثمار في التقنيات والمهارات اللازمة للريادة في مجال الذكاء الاصطناعي.

من المتوقع أن تستمر الشركات التكنولوجية الكبرى في البحث عن فرص للاستثمار في الشركات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، سواء من خلال الاستحواذ الكامل أو من خلال صفقات ترخيص أو “الاستحواذ على المواهب”. سيكون من المهم مراقبة كيفية تطور هذه الصفقات، وما إذا كانت ستؤدي إلى تسريع وتيرة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، أم أنها ستؤدي إلى تركيز أكبر للسلطة في أيدي عدد قليل من الشركات الكبرى. الخطوة التالية ستكون مراقبة كيفية دمج فريق جروك في نفيديا، وتأثير ذلك على تطوير تقنيات الاستدلال في الذكاء الاصطناعي.

شاركها.