واصلت بورصة السعودية ارتفاعها للجلسة الرابعة على التوالي، مدفوعة بتحسن معنويات المستثمرين على الرغم من استمرار ضعف السيولة وتراجع مشاركة المستثمرين الأجانب. وأغلق المؤشر الرئيسي “تاسي” على ارتفاع بنسبة 0.4%، متماسكاً فوق مستوى 10500 نقطة، مما يعكس استمراراً للاتجاه الصاعد الذي بدأ في منتصف نوفمبر. يأتي هذا الأداء في ظل تذبذب الأسواق العالمية وتوقعات اقتصادية متفاوتة.
بدأت الجلسة بتراجع طفيف بسبب ضغوط بيعية على أسهم بعض الشركات الكبرى مثل الراجحي ومعادن، لكن سرعان ما عكس المؤشر اتجاهه ليختتم اليوم على مكاسب. ويعزو المحللون هذا التحول إلى عمليات شراء انتقائية، خاصة على سهم الأهلي السعودي الذي ارتفع بنسبة 2.2% وساهم بشكل كبير في دعم المؤشر العام.
تحليل أداء بورصة السعودية: تفاؤل حذر وسط تحديات السيولة
أشار ثامر السعيد، الرئيس التنفيذي للاستثمار في بي إل إم إس كابيتال، إلى أن الارتفاعات الأخيرة جاءت بعد فترة من التراجع امتدت منذ شهر مايو، حيث سجل المؤشر أدنى مستوياته السنوية. وأضاف السعيد أن السوق بدأ يتعافى تدريجياً خلال الجلسات الأخيرة، لكن هذا التعافي لم يصاحبه زيادة ملحوظة في حجم التداول.
ويعتبر ضعف السيولة مؤشراً سلبياً، حيث يشير إلى أن الزخم الشرائي ليس قوياً بما يكفي لدفع السوق إلى مستويات أعلى بشكل مستدام. وبالتالي، يرى السعيد أن السوق قد يظل في حالة تذبذب وعدم يقين حتى نهاية العام، خاصة مع غياب المستثمرين الأجانب بسبب عطلات نهاية العام. هذا الغياب يؤثر بشكل كبير على حجم التداول الإجمالي في السوق.
توقعات بتعافي تدريجي في 2026
من جهته، توقع إبراهيم الهندي، الباحث في مركز الأسواق العربية، أن يستمر السوق في محاولة الإغلاق فوق مستوى 10500 نقطة قبل نهاية العام. لكنه أضاف أن المؤسسات المالية قد تبدأ في بناء مراكز سعرية جديدة من خلال اختبار مستويات دعم سابقة مثل 10300 و 10000 نقطة.
ويرى الهندي أن هذه الخطوة تهدف إلى تكوين مراكز استثمارية طويلة الأجل، وأن أداء المؤشر قد يتحسن بشكل ملحوظ خلال الفصول الثلاثة الأخيرة من عام 2026. وتشير التوقعات إلى أن تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية وزيادة أسعار النفط قد يدعمان هذا التعافي. الاستثمار في الأسهم السعودية يعتبر خياراً جذاباً للمستثمرين الباحثين عن عوائد مجدية.
في سياق متصل، صرح أحمد الرشيد، المحلل المالي الأول في صحيفة الاقتصادية، بأن موجة الارتفاع الحالية تعكس تحسناً في معنويات المستثمرين، وهي أطول سلسلة صعود يشهدها السوق منذ شهرين. ويتوقع الرشيد أن يستمر السوق في أدائه الإيجابي خلال الأسبوع الجاري، مدفوعاً بالنتائج الإيجابية لبعض الشركات المدرجة.
بالإضافة إلى ذلك، يراقب المستثمرون عن كثب التطورات الجيوسياسية في المنطقة، والتي قد تؤثر على أداء الأسواق المالية. كما أن القرارات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة السعودية، مثل خطط الإصلاح الاقتصادي والمشاريع الكبرى، تلعب دوراً حاسماً في تحديد اتجاه السوق. الاستقرار السياسي والاقتصادي يعتبر عاملاً مهماً لجذب الاستثمارات الأجنبية.
بشكل عام، يظل أداء بورصة السعودية متأثراً بمجموعة متنوعة من العوامل المحلية والإقليمية والعالمية. ومن المتوقع أن يشهد السوق المزيد من التذبذب في الفترة القادمة، مع استمرار تحديات السيولة وغياب المستثمرين الأجانب. ومع ذلك، فإن التوقعات طويلة الأجل لا تزال إيجابية، خاصة مع استمرار جهود التنويع الاقتصادي وتحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية. سيراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم وأسعار الفائدة في الولايات المتحدة، والتي قد تؤثر على تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة.
