أعلن بنك الشعب الصيني، اليوم الاثنين، عن مبادرة فريدة من نوعها تهدف إلى إصلاح السجلات الائتمانية للأفراد، وذلك من خلال حذف الديون الشخصية الصغيرة المتأخرة التي تم سدادها بالكامل. تأتي هذه الخطوة كجزء من جهود أوسع نطاقاً لتحفيز الإقراض وتعزيز الطلب على القروض الأسرية، الذي يشهد تباطؤاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة. ويهدف البرنامج إلى مساعدة ملايين الأفراد على تحسين وضعهم المالي والوصول إلى التمويل.

ويستفيد من هذا الإجراء الأفراد الذين تراكمت عليهم ديون شخصية متأخرة لا تتجاوز 10 آلاف يوان صيني (حوالي 1400 دولار أمريكي) خلال الفترة الممتدة من بداية عام 2020 وحتى نهاية عام 2025. ووفقاً للبنك المركزي، سيتم حذف هذه الديون من قاعدة البيانات الوطنية للائتمان بمجرد سدادها بالكامل قبل 31 مارس 2026.

تحفيز الإقراض من خلال إصلاح السجلات الائتمانية

يأتي هذا الإعلان في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، حيث أظهرت البيانات الأخيرة أن الإقراض البنكي الجديد في نوفمبر كان أقل من التوقعات. ويعزى هذا الانخفاض بشكل خاص إلى تراجع القروض الممنوحة للأسر، مما يشير إلى ضعف الثقة في الإنفاق والاستثمار. تسعى الحكومة الصينية الآن إلى عكس هذا الاتجاه من خلال تسهيل الوصول إلى الائتمان.

تأثير جائحة كوفيد-19

أكد بنك الشعب الصيني أن هذه السياسة تهدف بشكل مباشر إلى معالجة الآثار الاقتصادية المستمرة لجائحة كوفيد-19. فقد أدت الإغلاقات والقيود المرتبطة بالجائحة إلى صعوبات مالية للعديد من الأفراد، مما أثر سلباً على تقارير الائتمان الخاصة بهم. يهدف البرنامج إلى مساعدة هؤلاء الأفراد على إعادة بناء ملفاتهم الائتمانية.

صرح نائب محافظ بنك الشعب الصيني، زو لان، في مؤتمر صحفي أن هذه السياسة ستساهم في تحسين الأوضاع الائتمانية للأفراد، بالإضافة إلى دعم تحقيق نمو اقتصادي عالي الجودة. وأضاف أن هذه الخطوة ستساعد المقرضين على تقييم المخاطر الائتمانية بشكل أكثر دقة، وبالتالي تحسين كفاءة وفعالية التمويل الشامل.

يعتبر التمويل الشامل، أو الشمول المالي، مبادرة حكومية تهدف إلى توسيع نطاق الخدمات المالية ليشمل الفئات ذات الدخل المنخفض والشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي غالباً ما تواجه صعوبات في الحصول على التمويل التقليدي. من المتوقع أن يساهم إصلاح السجلات الائتمانية في تحقيق أهداف هذه المبادرة.

سياسات اقتصادية داعمة للنمو

تأتي هذه المبادرة في سياق أوسع من الجهود الحكومية لدعم النمو الاقتصادي في الصين. فقد تعهد القادة الصينيون باتخاذ إجراءات سياسية جديدة خلال العام المقبل، بما في ذلك التحفيز المالي المحتمل وخفض أسعار الفائدة ونسب الاحتياطي الإلزامي للبنوك. تهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي.

ومع ذلك، أبقى بنك الشعب الصيني أسعار الفائدة الأساسية للقروض دون تغيير للشهر السابع على التوالي في ديسمبر، وهو ما يتماشى مع توقعات المحللين. تشير هذه الخطوة إلى أن البنك المركزي يراقب عن كثب التطورات الاقتصادية ويحافظ على نهج حذر في تعديل السياسة النقدية. تعتبر السياسة النقدية أداة رئيسية تستخدمها الحكومات للسيطرة على التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، تشمل الإجراءات المتوقعة محاولة لتعزيز ثقة المستهلك، والتي تضررت بسبب القيود المرتبطة بالجائحة وعدم اليقين الاقتصادي. يعتبر الإنفاق الاستهلاكي محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي في الصين، لذا فإن تعزيزه أمر بالغ الأهمية لتحقيق أهداف الحكومة.

من الجدير بالذكر أن هذه المبادرة تقتصر على الديون المتأخرة التي لا تتجاوز 10 آلاف يوان، مما يعني أن الأفراد الذين لديهم ديون أكبر حجماً لن يستفيدوا بشكل مباشر من هذا الإجراء. ومع ذلك، قد يكون له تأثير غير مباشر من خلال تحسين المناخ العام للإقراض.

في الختام، من المتوقع أن يراقب بنك الشعب الصيني عن كثب تأثير هذه السياسة على الإقراض والنمو الاقتصادي. سيتم تقييم فعالية البرنامج في الربع الأول من عام 2026، بعد الموعد النهائي لسداد الديون المتأخرة. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت الحكومة ستتخذ المزيد من الإجراءات لدعم الطلب على القروض، ولكن من المؤكد أنها ستظل حذرة في مراقبة التطورات الاقتصادية واتخاذ الإجراءات المناسبة.

شاركها.