أقرت غانا رسميًا قانونًا لتنظيم سوق الأصول الرقمية، مما يضفي الشرعية على تداول العملات المشفرة في البلاد. يمثل هذا التشريع الجديد، قانون مزودي خدمات الأصول الافتراضية، إطارًا تنظيميًا شاملاً للأنشطة المتعلقة بالعملات الرقمية، والتي ظلت حتى الآن في منطقة رمادية قانونية. ويعكس هذا القرار اهتمامًا متزايدًا بالابتكار المالي والتكنولوجيا المالية في القارة الأفريقية.

تنظيم العملات المشفرة في غانا: خطوة نحو الشفافية والموثوقية

يُلزم القانون الجديد الأفراد والكيانات الراغبة في العمل في قطاع الأصول الرقمية بالتسجيل لدى بنك غانا (BoG) أو لجنة الأوراق المالية والبورصات، اعتمادًا على طبيعة نشاطهم. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان الامتثال للمعايير المصرفية والأمنية، وحماية المستثمرين من المخاطر المحتملة. هذا الإطار التنظيمي الجديد يعتبر نقطة تحول في تعامل غانا مع التكنولوجيا المالية.

صرح حاكم بنك غانا، جونسون أسياما، أن الهدف من التنظيم هو إنشاء هيكل شفاف وخاضع للمساءلة وحوكمة جيدة من خلال ترخيص وتنظيم هذا القطاع. وأشار إلى أن القانون يهدف أيضًا إلى إدارة المخاطر وحماية المستثمرين، مؤكدًا أن تداول العملات المشفرة لم يعد يعتبر نشاطًا إجراميًا.

حجم سوق العملات المشفرة في غانا

تشير مصادر محلية إلى أن حجم معاملات العملات المشفرة في غانا بلغ حوالي 3 مليارات دولار أمريكي بين شهري يوليو 2023 ويونيو 2024. هذا يدل على حجم النشاط المتزايد في هذا المجال. وُجد أيضًا أن ما يقرب من 17٪ من السكان البالغين في غانا يستخدمون العملات المشفرة، مما يعكس انتشار تبني هذه التقنية.

تأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه العديد من الدول الأفريقية اهتمامًا متزايدًا بالاستفادة من تقنية البلوك تشين والعملات المشفرة. تعتبر هذه التكنولوجيا وسيلة ممكنة لتعزيز الشمول المالي، وتسهيل المدفوعات عبر الحدود، وجذب الاستثمارات الأجنبية.

خطة الحكومة لتبني تقنية البلوك تشين

تخطط الحكومة الغانية لإعطاء الأولوية للحلول القائمة على تقنية البلوك تشين في مجالات الدفع والتمويل التجاري وتسوية العملات والبنية التحتية السوقية بحلول عام 2026. يشمل ذلك استكشاف الأدوات المالية الرقمية المدعومة بأصول مثل الذهب، مثل الـ stablecoins المرتبطة بالذهب.

أكد حاكم البنك المركزي أسياما على أهمية الابتكار، مشيرًا إلى أنه سيتم إعطاء الأولوية للحلول التي تقلل التكاليف، وتزيد الوصول، وتعزز الامتثال، وتحسن إدارة المخاطر. وبدلاً من حظر العملات الرقمية، تسعى غانا لدمجها في النظام المالي بطريقة آمنة ومنظمة.

يتماشى هذا النهج مع الاتجاه العالمي نحو تنظيم الأصول الرقمية، حيث تسعى الحكومات إلى تحقيق التوازن بين تشجيع الابتكار وحماية المستهلكين. كما أن استكشاف الأدوات المالية الرقمية المدعومة بالذهب يمكن أن يوفر بديلاً مستقرًا للعملات المشفرة المتقلبة.

من الجدير بالذكر أن هذه الخطوة تساهم في جهود غانا لتعزيز مكانتها كمركز للتكنولوجيا المالية في أفريقيا. وتأمل الحكومة أن يجذب التنظيم الواضح والمحكم المزيد من الاستثمارات والشركات الناشئة في قطاع العملات المشفرة.

التحديات المحتملة

على الرغم من أن القانون الجديد يمثل تقدمًا كبيرًا، إلا أن هناك بعض التحديات المحتملة التي قد تواجه غانا في تنفيذه. تشمل هذه التحديات الحاجة إلى بناء القدرات التنظيمية، وضمان إنفاذ القانون بشكل فعال، والتصدي للمخاطر المتعلقة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، التحديات المتعلقة بالبنية التحتية الرقمية، مثل الوصول إلى الإنترنت والمحاكمة المالية الرقمية، قد تكون حاسمة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تحتاج غانا إلى التعاون مع الدول الأخرى في أفريقيا وخارجها لتبادل المعلومات وأفضل الممارسات في مجال تنظيم الأصول الرقمية.

الخطوات التالية والآفاق المستقبلية

الآن، سيقوم بنك غانا ولجنة الأوراق المالية والبورصات بتطوير اللوائح التفصيلية والإجراءات اللازمة لتنفيذ القانون الجديد. يُتوقع أن يتم الإعلان عن هذه اللوائح في الأشهر القليلة القادمة، مما سيوفر مزيدًا من الوضوح للمشاركين في السوق.

من المتوقع أيضًا أن تقوم الحكومة الغانية بتقييم تأثير القانون الجديد على قطاع التكنولوجيا المالية والاقتصاد بشكل عام. سيكون من المهم مراقبة كيفية استجابة المشاركين في السوق للتنظيم، وما إذا كان يؤدي إلى زيادة الاستثمار والابتكار في قطاع العملات المشفرة. يبقى أن نرى كيف ستتطور البيئة التنظيمية للعملات الرقمية في غانا على المدى الطويل، وما هي الدروس التي يمكن أن تستفيد منها الدول الأخرى التي تسعى إلى تنظيم هذا السوق الناشئ.

شاركها.