تواجه شركة “فانكي” (China Vanke) أزمة متصاعدة تهدد المستثمرين الذين يحملون سنداتها الدولارية بقيمة 1.3 مليار دولار. على الرغم من منحها مهلة مؤقتة لسداد ديونها المحلية هذا الأسبوع، إلا أن الشركة لا تزال عرضة لخطر التعثر أو إعادة الهيكلة في حال عدم التوصل إلى خطة إنقاذ شاملة. وتثير هذه التطورات مخاوف متزايدة بشأن استقرار قطاع العقارات الصيني.
كانت “فانكي”، التي تتخذ من مدينة شنزن مقراً لها، تُعد أكبر مطور عقاري في الصين، لكنها تعثرت تحت وطأة ديون تجاوزت 50 مليار دولار، بالإضافة إلى تباطؤ حاد في سوق العقارات. وتعاني الشركة من ضغوط سيولة متزايدة منذ عدة أشهر، مما دفعها إلى السعي لتأجيل سداد الديون المستحقة.
أزمة ديون “فانكي” وتداعياتها على المستثمرين
نجحت “فانكي” مؤخراً في تفادي التخلف عن السداد على أحد السندات المحلية، بعد أن وافق الدائنون على تمديد فترة السماح. ومع ذلك، رفضوا طلب الشركة بتمديد فترة سداد أصل الدين لمدة 12 شهراً، مما يشير إلى صعوبة التوصل إلى حلول مرضية لجميع الأطراف. هذا الرفض يعكس قلق الدائنين بشأن الوضع المالي للشركة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
وفقًا لوثائق طرح السندات الدولارية التي اطلعت عليها وكالة بلومبرغ، فإن عدم التوصل إلى اتفاق مع حاملي السندات باليوان بقيمة 2 مليار يوان (حوالي 284 مليون دولار) خلال فترة السماح الممتدة، أو التخلف عن سداد أي من السندات المحلية الأخرى خلال الأسابيع القليلة المقبلة، قد يؤدي إلى تفعيل حالة التعثر على جميع التزاماتها الخارجية. وهذا السيناريو يثير مخاوف بشأن سلسلة من التداعيات المحتملة على الأسواق المالية.
مستثمرون دوليون متأثرون
أظهرت بيانات حديثة جمعتها بلومبرغ أن العديد من المستثمرين الدوليين الكبار يمتلكون سندات “فانكي” الدولارية المتعثرة، بما في ذلك “فيدليتي إنترناشونال”، و”إم آند جي إنفستمنتس”، و”إتش إس بي سي هولدينغز”، و”بلاك روك”، و”يو بي إس غروب”، بالإضافة إلى شركة “تشاينا أسيت مانجمنت”. هؤلاء المستثمرون يواجهون الآن خطر خسارة جزء كبير من استثماراتهم.
ومع ذلك، يجب ملاحظة أن هذه البيانات قد لا تعكس بالضرورة الحيازات الحالية، حيث يمكن أن تتغير بسرعة. كما أن بعض المؤسسات المالية قد تحتفظ بالسندات نيابة عن عملائها، مما يجعل تحديد المستفيدين النهائيين أكثر صعوبة.
ردت “فيدليتي” على استفسارات بلومبرغ، مؤكدة أنها خفضت بشكل كبير حيازاتها من سندات “فانكي” خلال الأشهر الماضية، وأن حجم ممتلكاتها الحالي يعتبر “ضئيلاً”. بينما امتنعت الشركات الأخرى المذكورة عن التعليق على الأمر. هذا التخفيض في الحيازات من قبل “فيدليتي” قد يشير إلى توقعات سلبية بشأن مستقبل الشركة.
تراجع حاد في أسعار السندات
أدت محاولات “فانكي” لتأجيل سداد سنداتها الدولارية إلى هبوط حاد في أسعارها، حيث اقتربت من 20% من قيمتها الاسمية. هذا التراجع يهدد بتكبد المستثمرين خسائر كبيرة، خاصةً أولئك الذين اشتروا السندات في وقت سابق من العام عندما كانت الأسعار أعلى من 80 سنتاً للدولار. كانت هذه الأسعار مدعومة بتوقعات باستمرار الدعم المالي من الحكومة المحلية ومجموعة شنزن للمترو، المساهم الأكبر في الشركة.
في الوقت الحالي، تتواصل شركتا “هوليهان لوكي” و”بي جيه تي بارتنرز” مع بعض حاملي سندات “فانكي” الخارجية لتقديم المشورة لهم. عادةً ما تكون هذه الخطوة تمهيدًا لتشكيل لجان تمثل الدائنين الرئيسيين في مفاوضات إعادة الهيكلة. هذا يشير إلى أن عملية إعادة الهيكلة قد تكون وشيكة.
وتشير تقديرات “هوليهان لوكي” إلى أن نسبة استرداد السندات قد تتراوح بين 20% و40%، بناءً على حصة “فانكي” في شركة الخدمات اللوجستية “جي إل بي هولدينغز”. هذا التقدير يعتمد على افتراض أن حقوق الملكية لم تُرهن في أي مكان آخر.
تعتبر أزمة “فانكي” بمثابة اختبار جديد لقدرة الحكومة الصينية على إدارة أزمات الديون في قطاع العقارات. من المتوقع أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة تطورات حاسمة، بما في ذلك نتائج مفاوضات إعادة الهيكلة مع الدائنين، وقرارات بشأن الدعم المالي الإضافي المحتمل. سيراقب المستثمرون عن كثب هذه التطورات لتقييم المخاطر المحتملة على استثماراتهم.
