شهدت أسعار النفط تراجعًا ملحوظًا للأسبوع الثاني على التوالي، مدفوعة بمخاوف متزايدة بشأن زيادة المعروض العالمي. يضاف هذا الانخفاض إلى سلسلة من التقلبات التي تشهدها سوق الطاقة، حيث يتداول سعر خام برنت حاليًا في نطاق منخفض. هذا التراجع يأتي على الرغم من استمرار التوترات الجيوسياسية في مناطق رئيسية لإنتاج النفط.

ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.9٪ في ختام تداولات يوم الجمعة، ليستقر فوق مستوى 56 دولارًا للبرميل. ومع ذلك، يظل السعر أقل من 1٪ خلال أسبوع شهد أدنى مستوى له منذ حوالي خمس سنوات. ولقيت الأسعار بعض الدعم بعد استهداف أوكرانيا لناقلة نفط تابعة للأسطول الروسي في البحر الأبيض المتوسط، في تصعيد جديد للأحداث.

مخاوف فائض المعروض تهيمن على سوق النفط

على الرغم من هذه التوترات، يتوقع أغلب كبار متداولي النفط في العالم أن يشهد السوق فائضًا في المعروض في بداية العام المقبل. تشير تقديرات شركة “ترافيغورا”، وهي إحدى أكبر شركات تجارة السلع، إلى أن خام برنت قد يتداول في نطاق الخمسينات من الدولارات حتى منتصف عام 2026، مع توقعات بالتعافي لاحقًا.

وتستعد الأسواق لهذا السيناريو، حيث ارتفعت المراكز البيعية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق هذا الأسبوع، بينما تراجعت المراكز الشرائية. يعكس هذا التوجه توقعات المستثمرين بأن العرض سيتجاوز الطلب في الأشهر القادمة، مما يضعف الأسعار.

تأثير زيادة الإنتاج العالمية

فقدت أسعار النفط ما يقارب خُمس قيمتها هذا العام نتيجة لعدة عوامل. أبرزها عودة دول “أوبك+” إلى زيادة إنتاجها بوتيرة أسرع من المتوقع، بالإضافة إلى الزيادة في الإنتاج من دول أخرى حول العالم. في المقابل، بقي الطلب على النفط ضعيفًا نسبيًا، مما أدى إلى تفاقم مشكلة العرض الزائد.

تصاعدت المخاطر الجيوسياسية، خاصة تلك المتعلقة بإمدادات النفط من روسيا وفنزويلا، مما ساهم في الحد من بعض التراجعات في الأسعار. ومع ذلك، يُنظر إلى أي اتفاق سلام ينهي الصراع الروسي الأوكراني على أنه قد يؤدي إلى انخفاض إضافي في الأسعار، من خلال تخفيف المخاوف بشأن اضطرابات محتملة في الإمدادات.

آراء الخبراء وتوقعاتهم

قال هاريس خورشيد، الرئيس التنفيذي للاستثمار في “كاروبار كابيتال” في شيكاغو، إن “المعنويات السائدة حاليًا تشير إلى مخاوف من وجود فائض هيكلي في المعروض”. وأضاف: “هذه المخاوف تطغى على التوترات الجيوسياسية في كل من روسيا وفنزويلا.”

بالإضافة إلى ذلك، لوحظ ضعف حجم التداول مع اقتراب عطلات نهاية العام، مما قد يزيد من تقلبات الأسعار. وربما ساهم التمركز الاستراتيجي للمتداولين استعدادًا للانخفاض في دفع الأسعار للصعود الطفيف الذي شهده يوم الجمعة، مع سعي البعض لتغطية مراكزهم البيعية، مما أدى إلى تضخيم حركة الأسعار.

تعتبر سوق الطاقة شديدة الحساسية للأحداث الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية. ويراقب المستثمرون عن كثب قرارات أوبك+ بشأن الإنتاج، بالإضافة إلى أي تطورات في الصراع الأوكراني، لتقييم المخاطر المحتملة وتأثيرها على الأسعار.

كما أن تطورات الاقتصاد العالمي، بما في ذلك النمو الاقتصادي في الصين والولايات المتحدة، له تأثير كبير على الطلب على النفط. أي تباطؤ اقتصادي كبير قد يؤدي إلى انخفاض الطلب، مما يزيد من الضغط على الأسعار.

في الختام، من المتوقع أن تستمر أسعار النفط في التذبذب في المدى القصير، مع بقاء التركيز على تطورات المعروض والطلب العالميين. من المحتمل أن تشهد الأسواق مزيدًا من التقلبات حتى نهاية العام، ومن المهم مراقبة المؤشرات الاقتصادية والجيوسياسية الرئيسية، بالإضافة إلى قرارات أوبك+، لتقييم المسار المستقبلي لأسعار النفط. تحليلات سوق النفط تشير إلى أن الأسابيع القادمة ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الأسعار.

شاركها.