على مدى ما يقرب من عقدين، واجهت شركة شيفرون كورب تحديات جمة في فنزويلا، حيث استثمرت مليارات الدولارات في ظل بيئة سياسية واقتصادية مضطربة. ومع تصاعد التوترات بين فنزويلا والولايات المتحدة، أصبحت شيفرون، بشكل فريد، الشركة النفطية العالمية الوحيدة التي لا تزال تتمتع بإمكانية الوصول إلى احتياطيات النفط الخام الهائلة في فنزويلا، وهي الأكبر على مستوى العالم.
تستعد الشركة حاليًا لتصدير مليون برميل من النفط الخام الفنزويلي، وذلك بعد يوم واحد فقط من تصنيف إدارة ترمب للحكومة الفنزويلية كـ “منظمة إرهابية أجنبية”. هذا الوضع الاستثنائي يضع شيفرون في موقع استراتيجي قوي، بغض النظر عن تطورات الأزمة الحالية، سواء أدت إلى تدخل عسكري أم إلى اتفاق دبلوماسي.
واقع قطاع النفط الفنزويلي المعقد
يشهد قطاع النفط الفنزويلي تدهورًا حادًا بسبب العقوبات الأمريكية، مما أدى إلى عدم قدرة شركة بتروليوس دي فنزويلا المملوكة للدولة على تصدير النفط الخام عبر “أسطول الظل” الخاص بها. وقد يضطر القطاع إلى البدء في إغلاق الآبار خلال أيام قليلة، وفقًا لتقارير حديثة. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت محطة التصدير الرئيسية في فنزويلا لهجوم إلكتروني في ديسمبر الماضي، وتوقفت حركة الطيران من وإلى البلاد إلى حد كبير.
تاريخ شيفرون في فنزويلا
بدأت شيفرون عملياتها في فنزويلا عام 1923، وحصلت على تراخيص خاصة لتجاوز العقوبات التي فرضتها إدارات أمريكية متعاقبة. على الرغم من الاعتقالات المؤقتة لموظفيها في عام 2018 بتهم الفساد، إلا أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أشاد بالشركة وأعرب عن رغبته في استمرار وجودها في البلاد لسنوات عديدة قادمة.
انتقادات ومخاطر
يثير استمرار شيفرون في فنزويلا انتقادات من كلا الجانبين. يتهم منتقدون أمريكيون الشركة بتحويل أموال إلى نظام فاسد، بينما يرى البعض في فنزويلا أن وجودها يمثل استمرارًا للنفوذ الإمبريالي الأمريكي. بالإضافة إلى ذلك، تواجه الشركة مخاطر أمنية كبيرة لموظفيها في حال تصاعد التوترات إلى أعمال عدائية.
لماذا شيفرون في موقع فريد؟
تعتبر شيفرون شريكًا جذابًا لكل من فنزويلا والولايات المتحدة. فبالنسبة لفنزويلا، تمثل الشركة وسيلة لتصدير النفط وتوليد السيولة النقدية اللازمة. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن شيفرون قادرة على المساعدة في إعادة بناء قطاع النفط الفنزويلي في حال حدوث تغيير في النظام، أو في الحفاظ على إمدادات النفط إلى المصافي الأمريكية على ساحل الخليج.
يقول فرانسيسكو مونالدي، مدير سياسات الطاقة في أمريكا اللاتينية بجامعة رايس: “شيفرون شريك جذاب جدًا لفنزويلا والحكومة الأميركية. إنها في موقع استراتيجي قوي في أي سيناريو محتمل تقريبًا”.
العقوبات وتخفيفها
على الرغم من العقوبات الأمريكية المشددة على فنزويلا، سمحت إدارة بايدن لشيفرون بزيادة إنتاجها في عام 2022، وذلك في محاولة لتخفيف أسعار البنزين بعد الحرب الروسية الأوكرانية. ومع ذلك، لا يزال هناك جدل حول الشروط المحددة لهذا الإعفاء، بما في ذلك المدفوعات التي تقدمها شيفرون للحكومة الفنزويلية.
المستقبل غير المؤكد
تعتمد استراتيجية شيفرون على الرهان طويل الأجل بأنها ستتمكن من الحفاظ على وجودها في فنزويلا بغض النظر عن التطورات السياسية. ومع ذلك، فإن الوضع لا يزال غير مؤكد. من المتوقع أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة تطورات حاسمة، بما في ذلك رد فعل الحكومة الفنزويلية على تصنيفها كـ “منظمة إرهابية أجنبية”، ومستقبل العقوبات الأمريكية، وإمكانية حدوث تدخل عسكري. سيكون من الضروري مراقبة هذه التطورات عن كثب لتقييم تأثيرها على شيفرون ومستقبل قطاع النفط الفنزويلي بشكل عام.
