تواجه كبرى شركات التكنولوجيا العالمية أزمة متزايدة تؤثر على آلاف موظفيها الحاصلين على تأشيرات عمل في الولايات المتحدة، حيث تؤدي متطلبات الفحص الجديدة لوسائل التواصل الاجتماعي إلى تأخيرات في المواعيد في السفارات والقنصليات الأمريكية حول العالم. وتواجه الشركات تحديات كبيرة في إدارة هذه الأزمة، خاصة وأنها تعتمد بشكل كبير على هؤلاء الموظفين من الخارج.
أرسلت شركات مثل جوجل وأبل ومايكروسوفت وسيرفيس ناو إشعارات إلى الموظفين الحاصلين على تأشيرات، تحذرهم من السفر الدولي و تصف التأخيرات في المواعيد التي قد تصل إلى عام كامل. هذه التأخيرات تؤثر بشكل خاص على حاملي تأشيرات H-1B، وهي التأشيرة الأساسية التي تستخدمها شركات التكنولوجيا لتوظيف العمال الأجانب.
تأشيرات العمل الأمريكية: تحديات جديدة وفرص ضائعة
تأتي هذه التحذيرات في الوقت الذي أجلت فيه السفارات الأمريكية بشكل مؤقت المواعيد الروتينية لتجديد تأشيرات العمل، مما يترك بعض الموظفين العالقين في الخارج غير قادرين على العودة إلى عملهم في الولايات المتحدة لفترات طويلة. بالنسبة لحاملي تأشيرات H-1B، يخلق هذا وضعاً صعباً للغاية. فإذا انتهت صلاحية ختم التأشيرة (visa stamp) الخاص بهم وسافروا إلى الخارج، فيجب عليهم الحصول على ختم جديد في القنصلية قبل دخولهم الولايات المتحدة مرة أخرى.
مع إعادة جدولة المواعيد لأشهر في المستقبل، أصبحت الرحلة الروتينية إلى الوطن سبباً محتملاً لتعطيل المسيرة المهنية قد يستمر لمدة تصل إلى عام. وذكرت شركة Reddy Neumann Brown PC المتخصصة في الهجرة أن المواعيد في أيرلندا وفيتنام قد تأجلت أيضاً.
أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة أنها تجري الآن “مراجعات لوجود المرشحين على الإنترنت”. وأضاف المتحدث أن الوزارة قد تعيد جدولة المواعيد حسب تغير الموارد، مع إمكانية طلب المواعيد العاجلة على أساس كل حالة على حدة. يبدو أن التركيز قد تحول من السرعة في معالجة الطلبات إلى التدقيق الشامل في كل طلب تأشيرة.
وفقاً للمعلومات المتوفرة من الشركات، فإن التأخيرات ترجع بشكل أساسي إلى القيود التشغيلية المرتبطة بعملية المراجعة الجديدة على الإنترنت لتأشيرات H-1B و H-4، والتي بدأت في 15 ديسمبر. وتشير بعض التقارير إلى أن القنصليات بحاجة إلى وقت لتنفيذ إجراءات فحص جديدة.
تأثيرات على شركات التكنولوجيا
أرسلت جوجل رسالة بريد إلكتروني إلى موظفيها، عبر شركة Berry Appleman & Leiden LLP (BAL)، توصي فيها بتجنب السفر الدولي في الوقت الحالي بسبب التأخيرات المحتملة. يشكل هذا التوجيه تحدياً كبيراً للشركات التي تعتمد على فرق عالمية وموظفين يسافرون بشكل متكرر للعمل أو لزيارة عائلاتهم.
كما أرسلت شركة مايكروسوفت مذكرة داخلية مفصلة عبر المستشار القانوني العام المساعد للهجرة، جاك تشن. توضح المذكرة الإجراءات التي يجب على الموظفين اتباعها في حالة تأجيل مواعيدهم أو إذا كانوا عالقين بالفعل في الخارج. وأكدت مايكروسوفت على صعوبة الحصول على مواعيد طارئة في ظل الظروف الحالية.
كذلك، حذرت أبل موظفيها الحاصلين على تأشيرات من التأخيرات المتزايدة في معالجة الهجرة، ونصحتهم بتجنب السفر الدولي غير الضروري. وتدرس سيرفيس ناو حالات الموظفين بشكل فردي لمنح استثناءات لسياسة العمل من أي مكان لمدة 30 يوماً في حالة وجود حالات طارئة.
التدقيق في وسائل التواصل الاجتماعي
يعزو خبراء الهجرة التأخيرات إلى تطبيق سياسة جديدة تتطلب من وزارة الخارجية الأمريكية فحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للمتقدمين للحصول على التأشيرة. تهدف هذه السياسة إلى تعزيز الأمن القومي، ولكنها أدت إلى زيادة كبيرة في الوقت المطلوب لمعالجة كل طلب. وتثير هذه السياسة تساؤلات حول خصوصية الموظفين والشفافية في عملية الفحص.
تعتبر متطلبات الفحص الجديدة لوسائل التواصل الاجتماعي جزءاً من جهود أوسع نطاقاً لتقييم مخاطر الأمن القومي المرتبطة بالمتقدمين للحصول على التأشيرة. واجهت هذه الجهود انتقادات من بعض الأطراف التي ترى أنها تمييزية وغير ضرورية.
تأثير هذه التغييرات على العمال الأجانب كبير، حيث أنه يعيق قدرتهم على التنقل بين بلدانهم والولايات المتحدة، مما يؤثر سلباً على حياتهم المهنية والشخصية. كما أنها تشكل عبئاً إضافياً على الشركات التي تعتمد على هذه العمالة.
من المتوقع استمرار التأخيرات في معالجة التأشيرات في الأشهر المقبلة، حيث تحاول السفارات والقنصليات الأمريكية التكيف مع المتطلبات الجديدة. ومن المهم على الموظفين الحاصلين على تأشيرات والشركات التي يعملون بها أن يكونوا على اطلاع دائم بالتطورات واتخاذ الاحتياطات اللازمة. سيراقب خبراء الهجرة عن كثب الأثر طويل المدى لهذه التغييرات على قوة العمل في قطاع التكنولوجيا.
