استقر معدل التضخم في اليابان عند 3% للشهر الثاني على التوالي في نوفمبر، مما يشير إلى استمرار الضغوط السعرية على المستهلكين. يأتي هذا في ظل توقعات واسعة بأن يقوم بنك اليابان باتخاذ خطوات لرفع تكاليف الاقتراض، وربما للمرة الأولى منذ يناير، في محاولة للسيطرة على ارتفاع الأسعار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. ويهدف البنك المركزي الياباني إلى الحفاظ على استقرار الأسعار وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
وأظهرت البيانات الصادرة عن وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات اليابانية ارتفاع أسعار المستهلكين، باستثناء الأغذية الطازجة، بنسبة 3% على أساس سنوي. يتماشى هذا الرقم مع توقعات معظم الاقتصاديين، مما يؤكد الاتجاه التصاعدي للتضخم الذي تشهده البلاد. أما المؤشر العام للتضخم فقد سجل 2.9%، في حين تباطأ المؤشر الذي يستثني الطاقة بشكل طفيف، مسجلاً 3%.
بنك اليابان والتحديات التي تواجهه في معالجة التضخم
من المقرر أن يجتمع بنك اليابان اليوم لاتخاذ قرار بشأن السياسة النقدية، ويتوقع على نطاق واسع أن يرفع سعر الفائدة المرجعي إلى 0.75%. يمثل هذا أعلى مستوى للفائدة في اليابان منذ حوالي ثلاثة عقود. ويشير هذا التحرك إلى تحول محتمل في السياسة النقدية اليابانية، التي ظلت متساهلة لفترة طويلة بهدف تحفيز النمو الاقتصادي.
من المرجح أن تؤثر هذه الخطوة على الأسواق المالية اليابانية، حيث يراقب المستثمرون عن كثب وتيرة أي زيادات مستقبلية في أسعار الفائدة. يسعى البنك المركزي إلى تحقيق توازن دقيق بين كبح التضخم ودعم النمو الاقتصادي، مع الأخذ في الاعتبار الآثار المحتملة على الشركات والأسر.
تأثير ارتفاع الأسعار على السياسات الحكومية
تتعرض رئيسة الوزراء ساناي تاكايشي لضغوط سياسية كبيرة بسبب ارتفاع الأسعار. فقد عانى الحزب الديمقراطي الليبرالي، الحاكم، من نتائج مخيبة للآمال في الانتخابات الوطنية الأخيرة، ويعزى ذلك جزئياً إلى حالة الاستياء المتزايدة بين المواطنين بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة. لذا، أعلنت تاكايشي عن حزمة من الإجراءات لتخفيف الأعباء عن الأسر، بما في ذلك دعم فواتير الكهرباء ومساعدات نقدية للأطفال.
وتشير البيانات إلى أن عدد الزيادات السعرية التي أعلنت عنها كبرى شركات الأغذية في اليابان قد وصل إلى مستوى قياسي هذا العام، حيث من المتوقع أن يصل إلى 20609 زيادة، بزيادة قدرها 64.6% مقارنة بالعام السابق. هذا الارتفاع يؤثر بشكل مباشر على ميزانيات الأسر ويؤجج المخاوف بشأن القدرة الشرائية.
ويقول خبراء اقتصاديون مثل تارو كيموارا من “بلومبرغ إيكونوميكس” إن استمرار ارتفاع معدلات التضخم الأساسي يعزز موقف البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة. ومع ذلك، يظل السؤال حول مدى قدرة البنك على مواصلة رفع الفائدة في المستقبل القريب هو سؤال رئيسي مطروح.
توقعات مستقبلية وردود الفعل المتوقعة
من المتوقع أن يركز السوق بشكل كبير على تعليقات محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، خلال المؤتمر الصحفي الذي سيعقد بعد قرار السياسة النقدية. سيبدأ المؤتمر الصحفي في الساعة 3:30 بعد الظهر بتوقيت طوكيو، ومن المرجح أن يسعى أويدا إلى طمأنة الجمهور بشأن التوقعات المستقبلية للأسعار. تعتبر تصريحاته حاسمة في تحديد مسار السياسة النقدية اليابانية في المستقبل.
يشير بنك اليابان إلى أنه يتوقع انخفاض معدلات التضخم الرئيسية إلى ما دون 2% خلال النصف الأول من السنة المالية الجديدة التي تبدأ في أبريل. ويعزو هذه التوقعات إلى التراجع المحتمل في أسعار الغذاء. ومع ذلك، فإن هذه التوقعات لا تزال تخضع لدرجة معينة من عدم اليقين، خاصة في ظل التقلبات العالمية في أسعار الطاقة والمواد الخام.
وعلى الرغم من التوقعات بتراجع ارتفاع الأسعار في المستقبل، فقد أعلنت شركات الأغذية والمشروبات بالفعل عن خطط لرفع أسعار ما يقرب من 1050 منتجاً في العام المقبل. وهذا الرقم أقل بكثير مقارنة بالعام الماضي، حيث كانت الشركات تتوقع زيادة أسعار حوالي 4400 منتج في عام 2025.
في الختام، من المقرر أن يرفع بنك اليابان على الأرجح أسعار الفائدة اليوم، في محاولة للسيطرة على الضغوط التضخمية. ستكون الأسواق المالية والمواطنون اليابانيون يراقبون عن كثب تصريحات أويدا لتحديد المسار المستقبلي للسياسة النقدية، وما إذا كان سيستمر البنك في تشديد سياسته النقدية أم سيغير مساره في المستقبل.
