أعلنت شركة ميرسك، إحدى أكبر شركات الشحن في العالم، عن مرور سفينة تابعة لها بنجاح عبر **مضيق باب المندب** والبحر الأحمر، في خطوة أولى نحو تقييم إمكانية استئناف حركة الملاحة في هذا المسار الحيوي. يأتي هذا الإعلان بعد فترة طويلة من التحويلات التي اضطرت ميرسك والعديد من شركات الشحن الأخرى إلى اتخاذها بسبب التوترات الأمنية في المنطقة. هذا الحدث يثير تساؤلات حول مستقبل التجارة العالمية وتكاليف الشحن المتزايدة.

السفينة “ميرسك سيباروك” أنهت رحلتها عبر المضيق يومي الخميس والجمعة، حسبما أفادت الشركة. ومع ذلك، تؤكد ميرسك أن هذه العملية لا تعني بالضرورة العودة الفورية إلى استخدام مسار السويس بشكل كامل، وأنها لا تزال تدرس الوضع بعناية. تأتي هذه الخطوة في ظل جهود دولية متزايدة لضمان حرية الملاحة في المياه الدولية.

تقييم ميرسك لموقف **مضيق باب المندب** والشحن البحري

لطالما كان **مضيق باب المندب** ممرًا مائيًا بالغ الأهمية للتجارة العالمية، حيث يربط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، ويمر عبره جزء كبير من حجم الشحن بين آسيا وأوروبا. الوضع الأمني المتدهور في المنطقة، وخاصةً بسبب الهجمات على السفن التجارية، أدى إلى تحويل العديد من الشركات مساراتها، مما أثر بشكل كبير على سلاسل الإمداد العالمية.

أدى التحويل الاضطراري لسفن الشحن حول رأس الرجاء الصالح إلى زيادة كبيرة في أوقات العبور وتكاليف الشحن، مما أثر على أسعار المستهلكين في مختلف أنحاء العالم. وفقًا لتقارير حديثة، زادت تكاليف الشحن في بعض الحالات بنسبة تزيد عن 300٪ بسبب هذا التحويل.

تأثير التوترات الجيوسياسية على حركة الشحن

تعزى التوترات الحالية في **مضيق باب المندب** إلى الصراع في اليمن وتزايد الأنشطة البحرية لجهات فاعلة غير حكومية. تثير هذه التطورات مخاوف بشأن استقرار المنطقة وتأثير ذلك على التجارة الدولية.

أعلنت العديد من شركات الشحن في ديسمبر الماضي عن تعليق عبور السفن من خلال البحر الأحمر بعد سلسلة من الهجمات، مما دفعها إلى اتخاذ مسارات أطول وأكثر تكلفة. وقد أثر ذلك بشكل كبير على حركة البضائع بين الشرق والغرب.

تتخذ ميرسك الآن نهجًا حذرًا، وتقوم بتقييم المخاطر بشكل مستمر قبل اتخاذ أي قرارات بشأن استئناف العبور المنتظم. تشمل هذه التقييمات تحليلًا تفصيليًا للوضع الأمني، وتنسيقًا وثيقًا مع القوات البحرية العاملة في المنطقة.

استئناف محدود وإمكانية التوسع

أكدت ميرسك أنها لا تخطط حاليًا لإعادة فتح الممر بالكامل. وأشارت إلى أن عبور السفينة “ميرسك سيباروك” هو بمثابة اختبار أولي لتقييم جدوى استئناف عمليات الشحن في ظل الظروف الحالية. ومع ذلك، فإنها تدرس إمكانية مواصلة هذا النهج التدريجي في المستقبل.

وأضافت الشركة أنها تراقب الوضع بشكل دقيق، وتتعاون مع الأطراف المعنية لضمان سلامة السفن والطواقم. يشمل ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتطبيق أفضل الممارسات الأمنية.

في المقابل، تتحفظ شركات شحن أخرى بشأن العودة إلى **مضيق باب المندب** قبل تحقيق استقرار أمني كامل. وتفضل هذه الشركات الاستمرار في استخدام المسارات البديلة على الرغم من ارتفاع التكاليف. هذا التباين في وجهات النظر يعكس تعقيد الوضع وتباين تقييمات المخاطر.

وتؤكد مصادر في قطاع الشحن على أن قرار ميرسك يعتمد أيضًا على التطورات في عمليات تأمين الملاحة في البحر الأحمر، بما في ذلك جهود التحالف البحري الدولي الذي أطلقته الولايات المتحدة والذي يهدف إلى حماية السفن التجارية.

التأثيرات المحتملة على سلاسل الإمداد

إذا اتخذت شركات الشحن الأخرى خطوات مماثلة وعادت إلى **مضيق باب المندب**، فقد يؤدي ذلك إلى تخفيف الضغط على سلاسل الإمداد العالمية وتقليل تكاليف الشحن. ومع ذلك، فإن هذا السيناريو يعتمد إلى حد كبير على استقرار الوضع الأمني في المنطقة.

في حال استمرار التوترات، قد تضطر الشركات إلى البحث عن حلول بديلة طويلة الأجل، مثل تطوير مسارات شحن جديدة أو زيادة الاستثمار في البنية التحتية للنقل البري والسكك الحديدية. هذه الحلول قد تكون مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً لتنفيذها.

بشكل عام، يبقى مستقبل الشحن عبر **مضيق باب المندب** غير مؤكد، ويتوقف على التطورات السياسية والأمنية في المنطقة. ويراقب قطاع الشحن العالمي هذه التطورات عن كثب لتقييم المخاطر واتخاذ القرارات المناسبة.

من المتوقع أن تستمر ميرسك في تقييم الوضع خلال الأسابيع المقبلة، وقد تعلن عن خطط إضافية بشأن عمليات الشحن في البحر الأحمر **مضيق باب المندب** في الربع الثاني من العام الحالي. يتعين مراقبة التطورات الأمنية وفعالية جهود التحالف البحري الدولي عن كثب، بالإضافة إلى ردود فعل شركات الشحن الأخرى.

شاركها.