يستعد فريق من المفاوضين الأمريكيين بقيادة نائب الممثل التجاري للولايات المتحدة، ريك سويتزر، لزيارة الهند الأسبوع المقبل لمواصلة المفاوضات حول اتفاق تجاري. تأتي هذه الخطوة في ظل سعي نيودلهي لخفض الرسوم الجمركية الأمريكية على الصادرات الهندية، والتي تؤثر بشكل كبير على عدة قطاعات اقتصادية رئيسية. وتهدف المحادثات إلى حل الخلافات التجارية القائمة وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
من المقرر أن يصل الوفد الأمريكي إلى الهند في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، بحسب مسؤول أمريكي لم يكشف عن هويته. وتأتي الزيارة بعد فترة من التوترات التجارية بين واشنطن ونيودلهي، وبعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للهند، مما أضاف تعقيدًا إضافيًا للمشهد.
الخلافات التجارية و مساعي الهند نحو اتفاق تجاري
تسعى حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بشكل خاص إلى تخفيض الرسوم الجمركية الأمريكية التي تصل إلى 50% على بعض السلع الهندية. وقد أثرت هذه الرسوم سلبًا على قطاعات مثل المنسوجات والجلود والأحذية والمجوهرات، وهي قطاعات تعتمد بشكل كبير على العمالة.
وفقًا لوزارة التجارة والصناعة الهندية، فإن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة يمثل أولوية قصوى. ومع ذلك، لم تصدر الوزارة أي تعليق رسمي حول تفاصيل زيارة الوفد الأمريكي.
تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد الهندي
فرضت الولايات المتحدة هذه الرسوم الانتقامية ردًا على شراء الهند للنفط الروسي، في إطار جهودها للضغط على موسكو. ومع ذلك، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا إلى أنه قد يكون مستعدًا لتخفيف هذه الرسوم، خاصة بعد أن قلصت الهند وارداتها من النفط الخام الروسي.
يرى محللون اقتصاديون أن الوقت ينفد أمام واشنطن ونيودلهي للتوصل إلى اتفاق تجاري قبل نهاية العام. ومع ذلك، فإن زيارة الرئيس بوتين للهند هذا الأسبوع قد تعقد الأمور، حيث قد يدفع ذلك الرئيس ترامب إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه نيودلهي بسبب علاقاتها مع موسكو، وفقًا لتقرير صادر عن بلومبرغ إيكونوميكس.
دبلوماسية أمريكية في ظل التوترات الجيوسياسية
يرى بعض المراقبين أن زيارة الوفد الأمريكي قد تكون بمثابة “استعراض دبلوماسي” أكثر من كونها مفاوضات تجارية حقيقية. ويشيرون إلى أن الولايات المتحدة تحاول إظهار وجودها في الهند بعد زيارة بوتين رفيعة المستوى، ولكن من غير المرجح أن تتحقق أي نتائج ملموسة في هذه المرحلة.
ويؤكد أجاي سريفاستافا، مؤسس “غلوبل تريد ريسيرتش إنِشييتف”، أن القرارات المتعلقة بتخفيف الرسوم الجمركية أو إبرام اتفاق تجارة حرة تتخذ في المكتب البيضاوي، وليس في بعثات تجارية متوسطة المستوى. اتفاق تجاري شامل يتطلب موافقة على مستوى القيادة.
تعتبر الولايات المتحدة أكبر وجهة لصادرات الهند، مما يجعل هذه القضية ذات أهمية بالغة للاقتصاد الهندي. وتشمل الصادرات الهندية الرئيسية إلى الولايات المتحدة المنسوجات والملابس والأدوية والمجوهرات.
في الشهر الماضي، صرح الرئيس ترامب بأنه سيخفض الرسوم على السلع الهندية “في وقت ما”، مؤكدًا أن الجانبين “قريبان جدًا” من التوصل إلى اتفاق. وقد عقدت فرق البلدين اجتماعات متكررة خلال الأشهر الماضية، مع وجود تفاؤل حذر في نيودلهي بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق.
من المتوقع أن تستمر المفاوضات بين الولايات المتحدة والهند في الأسابيع والأشهر المقبلة. وسيكون من المهم مراقبة التطورات الجيوسياسية، وخاصة العلاقات بين الهند وروسيا، حيث يمكن أن تؤثر هذه التطورات على مسار المفاوضات. يبقى التوصل إلى اتفاق تجاري نهائي رهنًا بالعديد من العوامل، بما في ذلك الإرادة السياسية لكلا الجانبين والقدرة على التغلب على الخلافات القائمة. الوضع الحالي يشير إلى استمرار الحوار، ولكن النتائج النهائية لا تزال غير مؤكدة.
