أثار إطلاق موسوعة “جروكيبيديا” (Grokipedia) المدعومة بالذكاء الاصطناعي من قبل إيلون ماسك جدلاً واسعاً، حيث أعرب جيمس ويلز، المؤسس المشارك لـموسوعة ويكيبيديا، عن شكوكه في مدى ثقة الجمهور بهذه المنصة الجديدة. جاء إطلاق “جروكيبيديا” في أكتوبر الماضي، بعد سنوات من اتهامات ماسك الموجهة ضد ويكيبيديا بالتحيز الأيديولوجي، مما يضع المشروع في موقع مقارنة مباشر مع منافسه الراسخ.
أطلق ماسك “جروكيبيديا” من خلال شركة xAI التابعة له، وهي منافسة مباشرة لويكيبيديا التي تعتمد على التحرير الجماعي من قبل المستخدمين. وقد أثار هذا الإطلاق تساؤلات حول دوافع ماسك والنزاهة المحتملة للمحتوى المقدم في موسوعته الجديدة. يدعي ماسك أن “جروكيبيديا” ستكون أكثر دقة وحيادية من ويكيبيديا.
مخاوف حول الثقة والتحيز في Grokipedia و ويكيبيديا
في مقابلة مع موقع “The Verge”، أوضح ويلز أنه لم يراجع “جروكيبيديا” بشكل مكثف، لكنه ليس مندهشاً من الانتقادات التي تواجهها. وأشار إلى أن أحد أكبر التحديات التي تواجه أي موسوعة مدعومة بالذكاء الاصطناعي هو مسألة الثقة، خاصةً إذا كان هناك شك في أن المنصة “تمتلك أجندة”.
وبحسب ويلز، فإن ويكيبيديا، على الرغم من عيوبها، تعتمد على عملية مفتوحة وشفافة للمراجعة والتحرير، مما يسمح للمستخدمين بتحديد وتصحيح الأخطاء. هذا يختلف بشكل كبير عن نهج ماسك، الذي يُرجح أن يدخل في تغييرات مباشرة في المحتوى إذا لم يوافق عليه.
التحيز السياسي والتدخل في المحتوى
أشار ويلز إلى أن “جروكيبيديا” قد تعكس وجهات النظر السياسية لماسك، استناداً إلى تقارير حديثة. وقد كشف تحقيق أجرته Business Insider عن اختلافات ملحوظة في كيفية تعامل “جروكيبيديا” وويكيبيديا مع مواضيع حساسة مثل أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير وجدال Gamergate.
وتجدر الإشارة إلى أن اتهامات التحيز الأيديولوجي طالت ويكيبيديا لفترة طويلة، حتى من قبل لاري سانجر، المؤسس المشارك الآخر للموقع. سانجر اتهم ويكيبيديا بأنها “منحازة بشدة” وأنها “سيطرت عليها الليبراليون واليساريون”.
مشكلة “الهلوسة” في نماذج اللغة الكبيرة
أعرب ويلز عن قلقه بشأن استخدام نموذج اللغة الكبير Grok من xAI في كتابة وتحرير محتويات “جروكيبيديا”. وأشار إلى أن هذه النماذج عرضة لظاهرة “الهلوسة”، حيث تقدم معلومات غير دقيقة أو مُلفقة على أنها حقائق. وفقًا لويلز، فإن نماذج اللغة الكبيرة “ليست جيدة بما يكفي لكتابة موسوعة” في الوقت الحالي.
في هذه الأثناء، تسمح ويكيبيديا باستخلاص بياناتها من قبل الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وهو ما استغلته “جروكيبيديا” لإنشاء محتوى مشابه لمحتوى ويكيبيديا.
التطورات الحالية والمقارنة بين الموسوقتين
منذ إطلاقها في نوفمبر، شهدت “جروكيبيديا” تطورًا ملحوظًا، حيث انتقلت من الإصدار “v0.1” إلى “v0.2”. كما زاد عدد المقالات الإجمالية في الموسوعة إلى 1,089,057 مقالة، مقارنة بـ 885,279 مقالة عند الإطلاق. يشير هذا النمو إلى اهتمام متزايد بالمنصة.
لكن هذا العدد لا يزال متواضعاً جداً مقارنة بـويكيبيديا التي تضم أكثر من 7 ملايين مقالة. وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر ويكيبيديا مرجعًا موثوقًا به لدى الكثيرين، وهي تتمتع بسمعة قوية بعد سنوات من العمل والتحسين.
يأمل ماسك في أن تصبح “جروكيبيديا” بمثابة “مكتبة الإسكندرية الحديثة”، بل ويتطلع إلى إرسالها إلى الفضاء السحيق في المستقبل. هذا الطموح يعكس رؤيته الواسعة للمنصة ودورها المحتمل في نشر المعرفة.
في الختام، من المتوقع أن تشهد المنافسة بين “جروكيبيديا” وويكيبيديا تطورات كبيرة في الأشهر والسنوات القادمة. سيكون من المهم مراقبة جودة المحتوى المقدم في “جروكيبيديا” وكيفية تعاملها مع قضايا التحيز والموثوقية. كما سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت المنصة ستنجح في جذب قاعدة مستخدمين كبيرة بما يكفي لتحدي هيمنة ويكيبيديا على مجال الموسوعات عبر الإنترنت.
