تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لإطلاق حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية تستهدف قطاع الطاقة الروسي، وذلك في محاولة لزيادة الضغط على موسكو بهدف دفعها نحو التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب في أوكرانيا. تأتي هذه الخطوة وسط تقارير عن مفاوضات أمريكية أوكرانية جارية، لكن مع استمرار الخلافات حول قضايا رئيسية مثل الأراضي والضمانات الأمنية. وتهدف العقوبات الجديدة إلى تقويض قدرة روسيا على تمويل الحرب من خلال صادراتها النفطية.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن الإجراءات المحتملة تشمل استهداف السفن التي تشكل ما يُعرف بـ”أسطول الظل” الروسي، وهو أسطول من ناقلات النفط التي تستخدم للتحايل على العقوبات القائمة ونقل النفط الروسي إلى الأسواق العالمية. كما قد تستهدف العقوبات الشركات والأفراد الذين يسهلون هذه المعاملات التجارية. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن هذه الإجراءات في وقت مبكر من هذا الأسبوع.

العقوبات على روسيا وتأثيرها على سوق الطاقة

تأتي هذه العقوبات في إطار سلسلة من الإجراءات المتخذة ضد روسيا منذ بدء الحرب الشاملة في أوكرانيا عام 2022. وعلى الرغم من أن هذه العقوبات لم تؤدِ حتى الآن إلى تغيير جذري في موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أنها ساهمت في الضغط على الاقتصاد الروسي، خاصةً فيما يتعلق بأسعار النفط الخام.

فقد شهدت أسعار النفط الخام انخفاضًا ملحوظًا منذ فرض العقوبات، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ بداية الغزو. ويعزى هذا الانخفاض جزئيًا إلى زيادة المعروض من النفط في السوق العالمية، بالإضافة إلى تأثير العقوبات على قدرة روسيا على تصدير نفطها.

مفاوضات السلام والتقدم المحرز

تتزامن هذه التطورات مع جهود دبلوماسية مكثفة للتوصل إلى حل سلمي للصراع في أوكرانيا. وقد أحرز المفاوضون الأمريكيون والأوكرانيون بعض التقدم هذا الأسبوع في مناقشة شروط اتفاق سلام محتمل، حيث زار المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف برلين لإجراء محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين.

وتتركز المناقشات حول مجموعة من الضمانات الأمنية التي تدعمها الولايات المتحدة لضمان أمن أوكرانيا بعد انتهاء الحرب. ومع ذلك، لا تزال هناك خلافات حول قضايا حساسة مثل الوضع المستقبلي للأراضي في شرق أوكرانيا، واستخدام الأصول الروسية المجمدة، وإدارة محطة زابوريجيا النووية.

خلافات حول الأراضي والضمانات الأمنية

تطالب روسيا بالسيطرة على أجزاء من منطقة دونباس، بما في ذلك منطقتي دونيتسك ولوغانسك، اللتين تسعى موسكو إلى احتلالهما منذ عام 2014. في المقابل، اقترحت الولايات المتحدة تحويل المناطق غير المحتلة إلى منطقة منزوعة السلاح أو منطقة اقتصادية حرة تخضع لإدارة خاصة.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطط ستؤدي إلى الاعتراف بالأراضي المتنازع عليها كأراضٍ روسية، أو ما هي التنازلات التي قد تقدمها موسكو مقابل ذلك. وتصر كييف وحلفاؤها على رفض فكرة التنازل عن أي أراضٍ لروسيا أو سحب القوات من المناطق الحيوية للدفاع عن أوكرانيا.

الأصول الروسية المجمدة: ورقة مساومة محتملة

تعتبر الأصول الروسية المجمدة في الخارج، وخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، ورقة مساومة رئيسية في المفاوضات. وتدرس الولايات المتحدة استخدام هذه الأصول كجزء من أي اتفاق سلام مستقبلي، بينما يستعد القادة الأوروبيون للبت في ما إذا كانوا سيستخدمون هذه الأصول لتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية إضافية لأوكرانيا.

وقد أثارت هذه الخطوة رد فعل غاضب من موسكو، التي تعتبرها محاولة لتقويض اقتصادها. ويرى بعض المحللين أن رد الفعل الروسي القوي يشير إلى أن موسكو تحاول منع استخدام هذه الأصول وتسعى إلى تخفيف العقوبات المفروضة عليها.

موقف ترمب والخطوات التالية

أكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، بعد اجتماعه مع سفراء أوروبيين، أن الرئيس دونالد ترمب “هو رئيس السلام” وأن إدارته ستواصل إعطاء الأولوية لإنهاء الحرب في أوكرانيا. ومع ذلك، فإن القرار النهائي بشأن أي عقوبات إضافية أو اتفاق سلام يعود في النهاية إلى الرئيس ترمب.

في الوقت الحالي، يتجه التركيز إلى رد فعل الرئيس بوتين على هذه التطورات. ومع ذلك، لا تزال هناك قلة من المؤشرات على أنه مستعد لإنهاء الهجمات أو تعديل أهدافه. يُتوقع أن ترقب الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون رد فعل روسيا وتقييم مدى جدية المفاوضات الجارية. في حين أن التوصل إلى اتفاق سلام شامل لا يزال بعيد المنال، فإن المفاوضات الجارية و الضغوط المتزايدة قد تفتح الباب أمام حل دبلوماسي للصراع في أوكرانيا.

شاركها.