شهدت حركة ناقلات النفط المتجهة إلى فنزويلا تحولاً مفاجئاً، حيث غيّر أسطول مكون من أربع سفن عملاقة مساره بعد مصادرة ناقلة نفط أخرى في المياه الكاريبية. وتأتي هذه التطورات في ظل تشديد الولايات المتحدة للعقوبات على فنزويلا، وتحديداً على قطاع النفط، في محاولة للضغط على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو. هذا التحول في مسار السفن يثير تساؤلات حول مستقبل صادرات النفط الفنزويلية وتأثير العقوبات عليها، ويؤكد على أهمية مراقبة حركة ناقلات النفط في المنطقة.

تغيير مسار ناقلات النفط وتصعيد التوترات

أظهرت بيانات شركة الاستخبارات البحرية “كبلر” (Kpler) أن الناقلات “سيكر 8″ (Seeker 8) و”كارينا” (Karina) و”يوروفيكتوري” (Eurovictory) قد غيرت اتجاهها في 11 ديسمبر، بعد يوم واحد من مصادرة السلطات الأمريكية لسفينة قبالة سواحل فنزويلا. لاحقاً، قامت الناقلة “بيلا 1” (Bella 1)، التي ترفع علم بنما وتخضع بالفعل لعقوبات أمريكية بسبب تورطها في نقل النفط الإيراني، بتغيير مسارها بالقرب من جزيرة أنتيغوا وبربودا.

تفاصيل المصادرة وتحديد هوية الناقلات

الناقلة التي تم مصادرتها، والمعروفة باسم “سكيبر” (Skipper)، كانت تحمل نفطاً يُشتبه في أنه يخضع للعقوبات الأمريكية المفروضة على فنزويلا. لم تصدر السلطات الأمريكية تفاصيل كاملة حول عملية المصادرة، لكنها أكدت أنها جزء من جهود مستمرة لمكافحة تهريب النفط الإيراني والفنزويلي. تعتبر “بيلا 1” من بين الناقلات التي كانت تخضع للمراقبة بسبب صلاتها المحتملة بتهريب النفط.

تُظهر البيانات أن الناقلة “سكيبر” تتجه حالياً نحو كوبا، ومن المتوقع أن تنقل حمولتها إلى سفن أخرى في ساحل الخليج الأمريكي. هذه العملية، المعروفة باسم “Ship-to-Ship transfer”، تسمح بتفريغ الشحنات بأمان بعيداً عن الموانئ الخاضعة للرقابة.

خلفية العقوبات على فنزويلا وتأثيرها على النفط

فرضت الولايات المتحدة عقوبات واسعة النطاق على فنزويلا، بما في ذلك عقوبات على شركة النفط الوطنية “PDVSA”، بهدف عزل الرئيس مادورو وإجباره على الاستقالة. تهدف هذه العقوبات إلى قطع مصدر الدخل الرئيسي لحكومة مادورو، وهو النفط.

أدت العقوبات إلى انخفاض حاد في إنتاج النفط الفنزويلي، مما تسبب في أزمة اقتصادية وإنسانية عميقة في البلاد. وبحسب تقارير مختلفة، انخفض إنتاج النفط الفنزويلي من حوالي 1.9 مليون برميل يومياً في عام 2017 إلى أقل من 600 ألف برميل يومياً حالياً.

بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية، تواجه فنزويلا صعوبات في العثور على مشترين لمنتجاتها النفطية بسبب المخاطر المرتبطة بالتعامل مع البلاد. هذا الوضع دفع فنزويلا إلى اللجوء إلى طرق غير تقليدية لتصدير النفط، مثل استخدام ناقلات قديمة وتغيير مسارات الشحن بشكل متكرر.

ردود الفعل الإقليمية والدولية

أثارت مصادرة الناقلة “سكيبر” انتقادات من الحكومة الفنزويلية، التي اعتبرتها عملاً عدوانياً وانتهاكاً للقانون الدولي. كما أعربت بعض الدول في المنطقة عن قلقها بشأن تصعيد التوترات في البحر الكاريبي.

في المقابل، دافعت الولايات المتحدة عن إجراءاتها، مؤكدة أنها تهدف إلى تطبيق العقوبات ومنع تهريب النفط الذي يمول نظام مادورو. وتعتبر واشنطن أن العقوبات هي أداة ضرورية للضغط على الحكومة الفنزويلية لإجراء إصلاحات ديمقراطية وتحسين الأوضاع الإنسانية.

تعتبر قضية تجارة النفط معقدة وتشمل العديد من الأطراف، بما في ذلك إيران والصين وروسيا، التي تواصل التعامل مع فنزويلا على الرغم من العقوبات الأمريكية.

مستقبل صادرات النفط الفنزويلية

من المرجح أن تستمر الولايات المتحدة في تشديد الرقابة على حركة ناقلات النفط في منطقة البحر الكاريبي، مما قد يؤدي إلى مزيد من الصعوبات في صادرات النفط الفنزويلية.

من المتوقع أن تبحث إدارة ترمب عن طرق جديدة لتعطيل شبكات تهريب النفط، بما في ذلك فرض عقوبات على المزيد من الشركات والأفراد المتورطين في هذه الأنشطة.

في الوقت الحالي، من غير الواضح ما إذا كانت العقوبات ستؤدي إلى تغيير في السياسات الفنزويلية. ومع ذلك، فإن الوضع يظل متوتراً، ومن المحتمل أن نشهد المزيد من التطورات في الأسابيع والأشهر القادمة. يجب متابعة تطورات هذا الملف عن كثب، خاصة فيما يتعلق بمسار أسعار النفط العالمية وتأثيرها على المنطقة.

من المتوقع أن تعلن وزارة الخزانة الأمريكية عن مزيد من التفاصيل حول عملية المصادرة والعقوبات المفروضة على الناقلات المتورطة في الأيام القادمة. كما يجب مراقبة ردود فعل الدول الأخرى في المنطقة، وخاصة كوبا، التي قد تكون نقطة عبور رئيسية لشحنات النفط الفنزويلية.

شاركها.