يشهد قطاع اللوجستيات في منطقة الشرق الأوسط تطورات متسارعة، مدفوعة بالطلب المتزايد على حلول نقل أكثر كفاءة واستدامة. وتبرز تقنيات جديدة، مثل منصات النقل السريعة فوق سطح الماء، كحلول واعدة لتلبية هذه الاحتياجات، خاصة في الدول الخليجية ذات السواحل الطويلة والنشاط الاقتصادي المرتفع. تهدف هذه التقنيات إلى إحداث ثورة في سلاسل الإمداد وتقليل الاعتماد على وسائل النقل التقليدية.
وفي حوار مع CNN الاقتصادية، أوضح بيلي ثالهايمر، الرئيس التنفيذي لشركة REGENT، أن هذه المنصّات الكهربائية عالية السرعة، والتي تعتمد على مبدأ تأثير السطح، يمكن أن تلعب دوراً محورياً في تحسين سرعة وفعالية عمليات النقل في المنطقة، بالإضافة إلى تطبيقات أخرى مثل الاستجابة للطوارئ والمهام الإنسانية.
تقنية منصات النقل السريعة: حلول لوجستية مصممة للبيئات الساحلية
تتميز منطقة الشرق الأوسط بكثافة المدن الساحلية والموانئ الحيوية، مما يجعلها بيئة مثالية لتطبيق تقنية منصات النقل السريعة. تعتبر هذه المنصات بديلاً جذاباً لوسائل النقل التقليدية، حيث توفر سرعة قريبة من الطائرات، ومرونة تشغيلية مماثلة للسفن، دون الحاجة إلى بنية تحتية مكلفة مثل المطارات.
أظهر التعاون الأخير بين REGENT و DHL Express إمكانات هذه التقنية في مجال الشحن السريع. يمكن لهذه المنصات أن تقلل بشكل كبير من وقت التسليم وتكاليف التشغيل، مع خفض الانبعاثات الضارة، وذلك من خلال الاستفادة من الممرات المائية في الخليج والبحر الأحمر. هذا يمثل تحولاً كبيراً في طريقة تفكير الشركات في الخدمات اللوجستية.
نموذج التمويل والتشغيل
وفقاً لثالثهايمر، يعتمد نموذج التمويل والتشغيل على مبادئ مماثلة لتمويل السفن والطائرات، مما يسهل عملية نشر هذه التقنية في المنطقة. يتوقع أن تصبح هذه المنصات جزءاً لا يتجزأ من منظومة النقل المتعدد الوسائط، تماماً كما أصبحت المركبات الكهربائية والطائرات بدون طيار عنصراً أساسياً في سلاسل الإمداد الحديثة.
تطبيقات تتجاوز النقل التجاري: الاستجابة للطوارئ والدعم الإنساني
لا تقتصر استخدامات منصات النقل السريعة على النقل التجاري، بل تمتد لتشمل مجالات أخرى حيوية. أظهرت تجربة التعاون مع قوات المارينز الأمريكية إمكانات هذه التقنية في عمليات الاستجابة للطوارئ والمهام الإنسانية.
تتيح هذه المنصات الوصول السريع إلى السفن المتعثرة أو المنصات البحرية أو المجتمعات الساحلية المعزولة، بكلفة أقل بكثير من استخدام المروحيات. كما أن قدرتها على المناورة في ظروف الرؤية الصعبة أو البحر المضطرب تجعلها أداة قيمة في عمليات البحث والإنقاذ.
في حالات الكوارث الطبيعية أو انقطاع البنية التحتية، يمكن لهذه التقنية أن توفر وسيلة سريعة ومرنة لإيصال الإمدادات الضرورية إلى المناطق المتضررة، مما يعزز جهود الدعم الإنساني. تعتبر هذه الميزة ذات أهمية خاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي تتعرض أحياناً لعواصف وأزمات إقليمية.
تطوير القيادة الذاتية
يركز فريق REGENT أيضاً على تطوير أنظمة القيادة الذاتية، بهدف زيادة دقة وفعالية هذه المنصات. ومع ذلك، يؤكد ثالهايمر على أهمية الحفاظ على دور العنصر البشري في اتخاذ القرارات، لضمان سلامة العمليات.
الخطوات التالية نحو الانتشار الإقليمي
أكد ثالهايمر أن أولويات الشركة الحالية تتمثل في تمكين العملاء من إطلاق عمليات تشغيل ناجحة. يتطلب ذلك تحقيق تقدم متزامن في ثلاثة مجالات رئيسية: التصنيع، والحصول على الموافقات التنظيمية، وبناء شراكات إقليمية قوية.
تقنياً، تعمل الشركة على اختبار النموذج الكامل من فئة «فايسروي» والاستعداد للرحلة الأولى، بالإضافة إلى تطوير البرمجيات والأنظمة اللازمة للحصول على شهادات الاعتماد. كما يجري بناء منشأة إنتاج جديدة في رود آيلاند بالولايات المتحدة لزيادة القدرة التصنيعية.
إقليمياً، كان معرض دبي للطيران بمثابة منصة مهمة لتسريع الشراكات مع الجهات الحكومية والخاصة، بما في ذلك التعاون مع DHL Express وصندوق التنمية الاستراتيجية في الإمارات. يعتبر بناء مسارات التشغيل وتلبية متطلبات الاعتماد وتوفير البنية التحتية الداعمة في المنطقة خطوات أساسية لبدء تشغيل هذه الوسائل في أسواق الإطلاق الأولى.
في الختام، تشير التطورات الأخيرة إلى أن تقنية منصات النقل السريعة فوق سطح الماء لديها القدرة على إحداث تغيير جذري في قطاع اللوجستيات في الشرق الأوسط. من المتوقع أن تشهد الأشهر والسنوات القادمة المزيد من الشراكات والاعتمادات التنظيمية، مما سيمهد الطريق لانتشار هذه التقنية الواعدة في المنطقة. يبقى من المهم مراقبة التقدم المحرز في تطوير أنظمة القيادة الذاتية وتلبية متطلبات السلامة لضمان نجاح هذه المبادرة على المدى الطويل.
