تُظهر أحدث المؤشرات أن سوق النفط تشهد تزايدًا في المعروض، حيث أظهر خام دبي، وهو معيار رئيسي لتسعير النفط في منطقة الشرق الأوسط، علامات على تفاقم هذا الفائض. يأتي هذا في وقت يشهد فيه السوق العالمي ضغوطًا متزايدة بسبب زيادة الإنتاج من قبل الدول المنتجة، بما في ذلك مجموعة أوبك+. هذا التطور يثير مخاوف بشأن استقرار أسعار النفط في الأشهر المقبلة.
تفاقم فائض المعروض من النفط وتأثيره على خام دبي
يشهد منحنى العقود الآجلة لخام دبي انخفاضًا ملحوظًا، وهو ما يعكس تراجعًا في توقعات الأسعار المستقبلية. وقد تحول الفارق السعري بين عقود التسليم لشهر يناير وفبراير إلى منطقة سلبية لفترة وجيزة، حيث تم تداول بعض العقود عند سعرين دولار للبرميل تحت الصفر. يُعرف هذا الوضع في الأسواق المالية باسم “كونتانغو”، وهو يشير إلى أن المعروض الحالي من النفط أكبر من الطلب الفوري.
يعكس هذا الانخفاض في الفارق السعري وفرة في المعروض من النفط في الشرق الأوسط على المدى القريب، مقارنة بالشحنات ذات تواريخ التسليم اللاحقة. تجدر الإشارة إلى أن تداول مشتقات خام دبي يتم بشكل رئيسي خارج البورصات الرسمية، مما يجعل رصد هذه التغيرات أكثر صعوبة ولكنه يعكس بدقة ديناميكيات السوق الفعلية.
مؤشرات عالمية على تخمة النفط
لا يقتصر هذا التراجع على خام دبي وحده، بل يظهر أيضًا في أسواق النفط العالمية الأخرى. فأسعار العقود الآجلة لخام برنت، المرجع العالمي الآخر لتسعير النفط، تتجه نحو نطاق 50-59 دولارًا للبرميل. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية حدوث فائض كبير في المعروض العالمي من النفط بحلول عام 2026، مما يزيد من الضغوط على الأسعار.
بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الأسواق الفعلية في الولايات المتحدة أيضًا علامات تحذيرية مماثلة، حيث دخلت بعض العقود في حالة “كونتانغو”. وتشير البيانات إلى أن مخزونات النفط العالقة في البحر في ارتفاع مستمر، حيث اقتربت الكميات المحملة على السفن التي لم تتحرك منذ سبعة أيام على الأقل من أعلى مستوياتها منذ بداية جائحة كوفيد-19، وفقًا لشركة “فورتيكسا”.
تأثير زيادة الإنتاج على الأسعار
يعود السبب الرئيسي وراء هذه المؤشرات إلى زيادة الإنتاج من قبل الدول المنتجة، وعلى رأسها دول أوبك+، على الرغم من المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. هذه الزيادة في المعروض تفوق حاليًا الزيادة في الطلب، مما يؤدي إلى الضغط على الأسعار.
ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن هناك عوامل أخرى تؤثر على أسعار النفط، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، والظروف الجوية، والسياسات الحكومية. فأي تطور غير متوقع في هذه المجالات يمكن أن يؤدي إلى تقلبات كبيرة في الأسعار.
تُظهر فروق أسعار العقود المتتالية لمشتقات خام دبي المتداولة في بورصة “إنتركونتيننتال” أيضًا اتجاهًا هبوطيًا، على الرغم من أن حجم التداول فيها أقل من التداولات خارج البورصة في آسيا. فقد وصل الفارق بين عقدي تسليم يناير وفبراير إلى 2 سنت للبرميل في حالة “كونتانغو”، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من عام.
مراقبة التطورات المستقبلية
من المتوقع أن يستمر السوق في مراقبة مستويات الإنتاج من قبل أوبك+، بالإضافة إلى بيانات الطلب العالمية، لتقييم مدى استمرار فائض المعروض. كما سيكون من المهم متابعة تطورات المخزونات العالمية، وخاصة تلك العالقة في البحر، للحصول على صورة أوضح عن وضع السوق.
في الوقت الحالي، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل أسعار النفط. فقد تتأثر الأسعار بشكل كبير بأي تغييرات في السياسات الإنتاجية أو في الظروف الاقتصادية العالمية. من الضروري أن يراقب المشاركون في السوق هذه التطورات عن كثب لاتخاذ قرارات مستنيرة.
