أعلنت شركة فورد موتورز، وهي واحدة من أكبر شركات صناعة السيارات في العالم، عن تغييرات كبيرة في خططها لإنتاج السيارات الكهربائية. يأتي هذا الإعلان بعد فترة من الاستثمار المكثف في تكنولوجيا السيارات الكهربائية، وتحديداً في قطاع المركبات الكهربائية الكبيرة، والتي لم تحقق الشركة منها الأرباح المتوقعة. وقد أثرت عوامل متعددة على هذا القرار، بما في ذلك تباطؤ الطلب وارتفاع التكاليف والتغييرات التنظيمية.
كشفت فورد في بيان صحفي صدر يوم الاثنين أنها ستقلص من إنتاج بعض أنواع السيارات الكهربائية الكبيرة، وستوقف إنتاج حافلات الشحن الكهربائية المخصصة للأسواق الأمريكية والأوروبية. يأتي هذا التعديل في استراتيجية الشركة وسط تزايد المخاوف بشأن الربحية في قطاع السيارات الكهربائية، وتسارع وتيرة تبني المركبات الهجينة من قبل المستهلكين.
تراجع فورد عن بعض خطط إنتاج السيارات الكهربائية
أوضحت فورد أن قرارها يأتي استجابة للظروف المتغيرة في السوق، حيث شهدت مبيعات السيارات الكهربائية تباطؤًا ملحوظًا في الولايات المتحدة. أشار الرئيس التنفيذي لشركة فورد، جيم فارلي، إلى أن الشركة لاحظت تحولًا في تفضيلات المستهلكين نحو السيارات الهجينة، وميلًا لتقليل الطلب على السيارات الكهربائية ذات الأسعار المرتفعة.
أسباب القرار وتأثير العوامل الخارجية
وبحسب تصريحات فارلي، ارتفعت مبيعات السيارات الهجينة بنسبة 30٪ في نوفمبر الماضي، بينما تراجعت مبيعات السيارات الكهربائية الأغلى سعرًا. على العكس من ذلك، أظهرت السيارات الكهربائية ذات الأسعار المعقولة أداءً أفضل نسبيًا. يُعتقد أن التغييرات في السياسات الحكومية، مثل إلغاء حوافز ضريبية على السيارات الكهربائية من قبل إدارة ترامب في سبتمبر الماضي، قد ساهمت أيضًا في هذا التباطؤ.
تعتزم فورد بدلاً من ذلك التركيز على تطوير وإنتاج مجموعة واسعة من السيارات الهجينة والمركبات الكهربائية ذات المدى الممتد. وتذكر الشركة أن حوالي 50٪ من حجم إنتاجها العالمي سيكون من هذه الأنواع بحلول عام 2030، مقارنة بنسبة 17٪ في الوقت الحالي. يشمل ذلك إطلاق نموذج جديد من شاحنات البيك أب متوسطة الحجم تعمل بالكهرباء في عام 2027.
من المتوقع أن تتكلف هذه التغييرات في خطط الإنتاج حوالي 1.95 مليار دولار أمريكي، وسيتم تحمل الجزء الأكبر من هذه التكلفة خلال الربع الحالي. على الرغم من هذا الإعلان، لم يشهد سعر سهم فورد تغييرات كبيرة، حيث ارتفع بنحو 38٪ منذ بداية العام.
يأتي هذا التحول في استراتيجية فورد بعد فترة وجيزة من إعلان الشركة في أكتوبر الماضي عن مضاعفة إنتاج شاحنات F-150 الشهيرة، وزيادة الإنتاج بمقدار 50 ألف وحدة إضافية بحلول عام 2026. كجزء من هذه الخطة، سيتم نقل بعض العمال من خطوط إنتاج السيارات الكهربائية إلى خطوط إنتاج الشاحنات التقليدية والهجينة.
كذلك، أعلنت الشركة عن تعليق إنتاج طراز F-150 Lightning الكهربائي، وهو النسخة الكهربائية من شاحنتها الأكثر مبيعًا، لإعطاء الأولوية لإنتاج المركبات التي تعمل بالبنزين والمركبات الهجينة. يرى مراقبون أن هذه الخطوة تعكس الواقعية المتزايدة في صناعة السيارات الكهربائية، وإعادة تقييم الشركات لقدرتها على تحقيق أرباح مستدامة في هذا القطاع.
تحول فورد نحو السيارات الهجينة يعكس أيضًا اتجاهًا أوسع في صناعة السيارات، حيث تتجه العديد من الشركات إلى تبني استراتيجيات أكثر مرونة وتوازنًا بين تقنيات محركات الاحتراق الداخلي والكهرباء. إن السيارة الهجينة تقدم حلاً وسطًا للمستهلكين الذين يرغبون في الاستفادة من كفاءة الوقود وتقليل الانبعاثات، دون الحاجة إلى القلق بشأن مدى القيادة المحدود أو البنية التحتية للشحن المتاحة.
تتضمن خطط فورد المستقبلية الاستمرار في تطوير تكنولوجيات جديدة في مجال المركبات الكهربائية، مع التركيز على القدرة على تحمل التكاليف وكفاءة الطاقة. يُتوقع أن تستثمر الشركة في تطوير بطاريات جديدة وأنظمة دفع كهربائية أكثر تطوراً، بهدف تقديم مجموعة متنوعة من السيارات الكهربائية التي تلبي احتياجات مختلف شرائح المستهلكين.
في الختام، يمثل قرار فورد بتعديل خطط إنتاج السيارات الكهربائية نقطة تحول هامة في استراتيجية الشركة، ويعكس التحديات والفرص المتزايدة في سوق السيارات المتغير. من المقرر أن تعلن فورد عن مزيد من التفاصيل حول خططها المستقبلية خلال الأشهر القادمة، وسيكون من المهم مراقبة تطورات هذا القطاع، وتقييم تأثير العوامل الاقتصادية والتنظيمية على عمليات الإنتاج والمبيعات. بقي السؤال مفتوحاً حول مدى نجاح هذه الاستراتيجية الجديدة في تحقيق أهداف الربحية والنمو للشركة في المستقبل القريب.
