أقدم مستثمرو وول ستريت على بيع أسهمهم لتحقيق الأرباح بعد الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها أسهم شركات الذكاء الاصطناعي هذا العام، مما أدى إلى تراجع المؤشرات الرئيسية في أسواق الأسهم العالمية وارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل. جاء هذا التراجع بعد فترة من التفاؤل بشأن قطاع التكنولوجيا، حيث أثارت توقعات أداء أقل من المتوقع لشركة برودكوم مخاوف بشأن استدامة زخم الذكاء الاصطناعي.

أدى انخفاض سهم برودكوم بنسبة 11%، نتيجة لتوقعات مبيعات مخيبة للآمال، إلى الضغط على أسهم الشركات المنافسة في قطاع أشباه الموصلات. كما زادت هذه التطورات من قلق المستثمرين بشأن التقييمات المرتفعة لشركات الذكاء الاصطناعي، والتي كانت مدفوعة في السابق بأداء قوي لشركات مثل أوراكل. وتأتي هذه التحركات في وقت يراقب فيه المستثمرون عن كثب مسار أسعار الفائدة وقوة الاقتصاد الأمريكي.

جني الأرباح وتراجع أسهم الذكاء الاصطناعي

بدأ تراجع أسهم الذكاء الاصطناعي يوم الخميس بعد إعلان أوراكل عن زيادة الإنفاق الرأسمالي وتأخر العائدات المتوقعة من مشاريعها. تفاقم هذا الهبوط يوم الجمعة مع تقارير تفيد بتأجيل بعض مشاريع مراكز البيانات التابعة لأوراكل، بالإضافة إلى انخفاض أسهم الشركات المرتبطة بالبنية التحتية اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعي.

انخفض مؤشر ناسداك 100 بنسبة 1.9%، بينما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.1% بعد أن سجل إغلاقًا قياسيًا في الجلسة السابقة. وشهد كل من مؤشر داو جونز الصناعي ومؤشر راسل 2000 أيضًا تراجعًا من مستويات قياسية.

لماذا يحدث هذا التراجع؟

يرى لويس نافيليه، كبير مسؤولي الاستثمار في “نافيلييه آند أسوشيتس”، أن عمليات جني الأرباح بعد بلوغ المؤشرات مستويات قياسية كانت أمرًا متوقعًا. وأضاف أن “فقاعة الذكاء الاصطناعي تنكمش ولكنها لا تنفجر”، مشيرًا إلى أن المخاوف المتزايدة بشأن اتفاقيات أوبن إيه آي قد تعيق تحقيق مكاسب إضافية.

يأتي هذا البيع في الأسهم بعد أن أشعل قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا الأسبوع التفاؤل في الأسواق. ومع ذلك، فإن المستثمرين يضطرون أيضًا إلى التعامل مع رسائل متباينة من مسؤولي الفيدرالي، الذين لم يغيروا توقعاتهم بشأن خفض واحد فقط في أسعار الفائدة بحلول عام 2026.

مخاوف بشأن التضخم

ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عامًا بمقدار 6 نقاط أساس إلى أعلى مستوى لها في ثلاثة أشهر، بعد أن صرحت بيث هاماك، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، بتفضيلها أن تبقى أسعار الفائدة مقيدة بعض الشيء لمواصلة الضغط على التضخم، الذي لا يزال مرتفعًا.

كما أشار جيف شميد من الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي إلى ضغوط أسعار المستهلكين، موضحًا أنه عارض قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة هذا الأسبوع، معتبرًا أن التضخم لا يزال مرتفعًا وأن الاقتصاد يتمتع بزخم قوي. هذه التصريحات تزيد من حالة عدم اليقين بشأن مسار السياسة النقدية الأمريكية.

التنويع كاستراتيجية

أصبح التنويع عبر مختلف الأسواق والقطاعات عاملاً رئيسيًا في قرارات الاستثمار. فبعد أن قادت شركات التكنولوجيا العملاقة مكاسب الأسهم خلال معظم العام، دفع القلق بشأن التقييمات المرتفعة والإنفاق الرأسمالي الضخم المستثمرين إلى البحث عن فرص في قطاعات أخرى.

كتب مارك ويلسون من “غولدمان ساكس” أن “التنويع هو الثمن الذي يجب سداده لإبقائك مستثمرًا بالكامل في الأسهم”. وأضاف أن هناك قصصًا استثمارية جذابة في كوريا واليابان والصين، بالإضافة إلى الأسواق الناشئة بشكل عام.

توقعات مستقبلية لأسواق الأسهم

على الرغم من التراجع الحالي، يتوقع استراتيجيون في مجموعة “غولدمان ساكس” أن تسجل الأسهم مستويات قياسية جديدة العام المقبل، مستندين إلى نمو اقتصادي متماسك واعتماد أوسع على الذكاء الاصطناعي لدعم أرباح الشركات. ويتوقعون وصول مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى حوالي 7600 نقطة في العام المقبل، مما يشير إلى مكاسب تقارب 10% من المستويات الحالية.

يتشارك هذا التفاؤل محللون آخرون ومديرو أصول، حيث يرجح استراتيجيون في مؤسسات مثل “مورغان ستانلي” و”دويتشه بنك” و”آر بي سي كابيتال ماركتس” ارتفاع الأسهم الأمريكية بأكثر من 10%. كما تسود توقعات إيجابية واسعة النطاق بشأن أوروبا، حيث لا يتوقع أي من الاستراتيجيين السبعة عشر الذين شملهم استطلاع “بلومبرغ” حدوث تراجع كبير.

في الختام، يشهد سوق الأسهم العالمي تقلبات في أعقاب فترة من المكاسب القوية، مدفوعة بشكل أساسي بمخاوف بشأن تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي ومسار أسعار الفائدة. ينتظر المستثمرون الآن تقرير الوظائف الأمريكي المقرر إصداره يوم الثلاثاء المقبل للحصول على مزيد من المؤشرات حول صحة الاقتصاد واتجاهات الأسعار. من المهم مراقبة تطورات التضخم وأداء الشركات في قطاع التكنولوجيا، بالإضافة إلى أي تغييرات في السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.

شاركها.