يتزايد اهتمام المستثمرين بـسندات الذكاء الاصطناعي، لكن مع هذا الاهتمام المتزايد يرافق قلق متفاوت بشأن المخاطر المرتبطة بها، وفقًا لأحدث أبحاث غولدمان ساكس. شهدت أسواق الدين في عام 2024 ارتفاعًا ملحوظًا في إصدار هذه السندات، حيث تسعى شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تمويل مشاريعها الضخمة، خاصة مراكز البيانات، من خلال الديون بجانب الاعتماد على النقد وحصص الأسهم.

قلق المستثمرين حيال سندات الذكاء الاصطناعي: تباين بين الدرجات الاستثمارية والعائدة المرتفعة

أظهرت تحليلات غولدمان ساكس تباينًا في رد فعل المستثمرين تجاه سندات الذكاء الاصطناعي بناءً على تصنيفها الائتماني. يشعر المستثمرون بالقلق بشكل أكبر بشأن الشركات ذات التصنيف الاستثماري، ويركز قلقهم على أداء الجهة المصدرة للسند بشكل خاص. في المقابل، يبدو القلق تجاه السندات ذات العائد المرتفع أكثر عمومية ويشمل القطاع بأكمله.

يرجع هذا التباين إلى أن الشركات ذات الدرجة الاستثمارية تخضع عادةً لتدقيق مالي أكبر، وبالتالي فإن أي علامات ضعف في أدائها المالي قد تثير مخاوف المستثمرين على الفور. أما السندات ذات العائد المرتفع، فهي تحمل بطبيعتها مخاطر أعلى، وقد يكون المستثمرون أكثر استعدادًا لتحمل المخاطر في قطاع واعد مثل الذكاء الاصطناعي، ولكن مع إدراك المخاطر الكامنة.

فرص وتحديات في سوق سندات الذكاء الاصطناعي

يرى خبراء في المجال أن هذا التحول نحو تمويل الذكاء الاصطناعي بالديون يمثل فرصة للمستثمرين الذين يتمتعون بالقدرة على الاختيار الدقيق. صرح كريستوفر كرامر من نيوبرغر بأن اختيار الأوراق المالية المناسبة سيكون حاسمًا، مؤكدًا على أهمية تقييم الجدارة الائتمانية لكل جهة مُصدرة على حدة. وأضاف أن السوق سيشهد تمايزًا واضحًا بين “الذين يملكون” الفرص و”الذين لا يملكون”.

ومع ذلك، حذر بنك إنجلترا من أن الاعتماد المتزايد على الديون في قطاع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي قد يزيد من المخاطر على الاستقرار المالي، خاصةً إذا حدث تصحيح في التقييمات المرتفعة حاليًا لشركات الذكاء الاصطناعي. تقييمات أسهم الذكاء الاصطناعي لا تزال تعتبر مبالغًا فيها من قبل العديد من المحللين.

أداء سندات الذكاء الاصطناعي مقارنة بغيرها

تشير بيانات غولدمان ساكس إلى أن أداء سندات الذكاء الاصطناعي كان أضعف من أداء سوق الائتمان بشكل عام. فقد تفوقت سلة من القطاعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي (باستثناء الشركات المصدرة المباشرة) على سلة من السندات غير المالية بمقدار 15 نقطة أساس في عام 2024. لكن سلة من سندات الشركات المصدرة المباشرة للذكاء الاصطناعي سجلت أداءً أقل من سلة السندات غير المالية بمقدار 70 نقطة أساس.

يعكس هذا الفارق، بحسب غولدمان ساكس، قلق المستثمرين بشأن الشركات التي تعتمد بشكل مباشر على الذكاء الاصطناعي، خاصةً فيما يتعلق بقدرتها على تحقيق عوائد كافية لتغطية ديونها. في سوق السندات ذات العائد المرتفع، يظهر هذا القلق على نطاق أوسع، حيث تباعد أداء سندات الذكاء الاصطناعي عن أداء السندات المماثلة منذ بداية شهر نوفمبر.

آل كاترمول من ميرابو أعلن أن فريقه قرر عدم الاستثمار في أي من سندات الذكاء الاصطناعي الاستثمارية أو ذات العائد المرتفع التي تم طرحها مؤخرًا، مشيرًا إلى المخاطر المتعلقة بتنفيذ المشاريع والشفافية في العقود. وأكد على أن هذه السندات لم تثبت جدواها بعد، وأن التعويضات يجب أن تكون مرتبطة بحصص في الأسهم بدلاً من الديون.

الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى دراسة متأنية، وسندات الذكاء الاصطناعي تمثل فرصة محفوفة بالمخاطر. سوق الذكاء الاصطناعي يشهد تطورات سريعة، وتقييم سندات الذكاء الاصطناعي يتطلب خبرة متخصصة. بالإضافة لذلك، فإن الديون المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تثير تساؤلات حول الاستدامة المالية.

من المتوقع أن يستمر هذا القلق في التأثير على أسعار سندات الذكاء الاصطناعي في المدى القصير. سيكون المستثمرون يراقبون عن كثب التقدم المحرز في مشاريع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وتقارير الأرباح الخاصة بالشركات المصدرة، وأي تغييرات في السياسات النقدية التي قد تؤثر على تكلفة الديون. سيحدد مستقبل هذه السندات مدى قدرة شركات الذكاء الاصطناعي على تحويل الاستثمارات الضخمة إلى عوائد حقيقية وقادرة على سداد الديون المستحقة.

شاركها.