يثير اتفاق مؤخرًا بين نقابة ممثلي السينما والتلفزيون الأمريكية (SAG-AFTRA) وخدمة البث العملاقة نتفليكس مخاوف واسعة النطاق في عاصمة الترفيه، هوليوود. يخشى الكثيرون من أن هذه الصفقة، على الرغم من إنهاء إضراب استمر أشهرًا، ستؤدي إلى المزيد من فقدان الوظائف وإغلاق دور السينما، وتقليل عدد الأفلام التي تتحدى التقاليد. وتتعلق هذه المخاوف بشكل أساسي بتفاصيل الاتفاق المتعلقة بالمشاركة في الأرباح والذكاء الاصطناعي.

تم التوصل إلى الاتفاق في 8 نوفمبر 2023، منهيًا إضرابًا تاريخيًا بدأ في يوليو 2023 وشل إنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية في جميع أنحاء الولايات المتحدة. يهدف الاتفاق إلى معالجة قضايا مثل الأجور وظروف العمل وتأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الترفيه. لكن العديد من العاملين في الصناعة وخبراءها يشككون في ما إذا كانت هذه التنازلات كافية لحماية مستقبلهم المهني.

تأثير اتفاق نتفليكس على صناعة السينما:نتفليكس والمنافسة المتزايدة

يكمن جوهر القلق في الزيادة المستمرة في قوة نتفليكس وخدمات البث المباشر الأخرى. لقد غيرت هذه الخدمات بشكل جذري طريقة استهلاك الجمهور للمحتوى، مما أدى إلى تراجع عدد رواد دور السينما. ويرى البعض أن اتفاق نتفليكس يشجع هذا الاتجاه من خلال منح الشركة المزيد من المرونة في الإنتاج والتوزيع.

فقدان الوظائف المحتمل

أحد أكبر المخاوف هو احتمال تسريح المزيد من العمال في مجال الترفيه. بينما يهدف الاتفاق إلى توفير بعض الحماية للممثلين، إلا أنه لا يزال هناك قلق من أن نتفليكس قد تستخدم قدرتها المتزايدة على الإنتاج بتكاليف أقل لتقليل اعتمادها على الممثلين ذوي الأجور المرتفعة.

بالإضافة إلى ذلك، يخشى البعض من أن الاتفاق قد يفتح الباب أمام استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق تقلل من الحاجة إلى العاملين البشريين، مثل الكتاب والمصممين والمؤدين. النقاش حول الذكاء الاصطناعي في صناعة الترفيه يتركز حول حقوق الصورة والأداء، وكيفية تعويض الفنانين عن استخدام بياناتهم لتدريب الأنظمة الذكية.

مستقبل دور السينما

يشعر أصحاب دور السينما بالقلق بشكل خاص بشأن تأثير اتفاق نتفليكس. يشير تقرير صادر عن جمعية أصحاب دور السينما الوطنية (NATO) إلى أن الإيرادات المحلية لدور السينما لا تزال أقل من مستويات ما قبل الجائحة. ويدعو أصحاب الدور إلى دعم صناعة السينما التقليدية.

بينما يرى البعض أن دور السينما ستظل مكانًا مهمًا لتجربة مشاهدة الأفلام، يجادل آخرون بأنها قد تصبح متخصصة بشكل متزايد، وتركز على الأحداث الخاصة والأفلام المستقلة. يقول مراقبون في الصناعة أن بقاء دور السينما يعتمد على قدرتها على التكيف مع التغيرات في سلوك المستهلك.

الإنتاج السينمائي المستقل وتأثير البث

يخشى صانعو الأفلام المستقلين أيضًا من أن اتفاق نتفليكس قد يجعل من الصعب عليهم الحصول على التمويل والوصول إلى الجمهور. غالبًا ما تعتمد الأفلام المستقلة على دعم الاستوديوهات الكبيرة وتوزيعها، لكن هذه الاستوديوهات قد تتردد الآن في الاستثمار في المشاريع التي تنافس بشكل مباشر خدمات البث.

أحد الجوانب الإيجابية المحتملة هو أن خدمات البث مثل نتفليكس قد توفر منصة لتوزيع الأفلام المستقلة التي قد لا تجد طريقها إلى دور السينما التقليدية. ولكن يبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه المنصات ستدعم أيضًا الإنتاج الأصلي للأفلام المستقلة.

يربط خبراء الاقتصاد هذه التحديات بظاهرة أوسع نطاقًا تشمل «تغير نموذج الأعمال» في صناعة الترفيه. يتضمن هذا التحول انتقال السلطة من الاستوديوهات التقليدية إلى شركات التكنولوجيا، وهي عملية تتسارع بفضل التطورات في مجال البث الرقمي والذكاء الاصطناعي. ونتيجة لذلك، تتغير متطلبات المهارات في الصناعة، مما يستدعي إعادة تدريب العمال وتطوير برامج لدعمهم.

التفاصيل الرئيسية لاتفاق نقابة ممثلي السينما والتلفزيون وخدمات البث

يشمل الاتفاق زيادة في الأجور للممثلين، بالإضافة إلى تحسينات في شروط العمل. كما يتضمن الاتفاق بنودًا تتعلق بحقوق الصورة و الأداء للممثلين في سياق استخدام الذكاء الاصطناعي. وفقًا لبيان صادر عن النقابة، فإن الاتفاق “يوفر حماية تاريخية” للممثلين في مواجهة التهديدات الناشئة عن الذكاء الاصطناعي.

ومع ذلك، يرى البعض أن هذه الحماية ليست كافية. يشيرون إلى أن الاتفاق لا يمنع نتفليكس من استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء نسخ طبق الأصل من الممثلين أو لاستبدالهم في بعض المهام. يؤكد متخصصو قانون الملكية الفكرية على أهمية تحديد نطاق الحقوق والقيود بشكل واضح في الاتفاقيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.

بالإضافة إلى نتفليكس، تشمل الاتفاقات المماثلة التي تم التوصل إليها مؤخرًا شركات بث أخرى مثل ديزني وبرايمر فيديو. وتشير إلى تحولًا كبيرًا في ديناميكات القوة في هوليوود، حيث تتمتع شركات البث الآن بمزيد من النفوذ من الاستوديوهات التقليدية. هذا التغيير يؤثر على جميع جوانب صناعة الترفيه، بدءًا من التمويل وحتى التوزيع.

في المقابل، يرى المتحدثون باسم نتفليكس أن الاتفاق يعكس التزام الشركة بدعم الممثلين والعاملين في الصناعة. ويؤكدون أن الشركة ستواصل الاستثمار في الإنتاج الإبداعي وتقديم محتوى عالي الجودة لجمهورها العالمي. ويرفضون أيضاً الادعاء بأنهم يسعون إلى تقليل الاعتماد على الممثلين البشريين، مشيرين إلى أنهم يعتقدون أن الممثلين الموهوبين هم عنصر أساسي في أي إنتاج ناجح.

الخطوة التالية هي تصويت أعضاء نقابة ممثلي السينما والتلفزيون على الاتفاق. من المتوقع أن يتم التصويت بحلول منتصف شهر نوفمبر. يظل مستقبل صناعة الترفيه غير مؤكدًا، وما إذا كان الاتفاق الجديد سيحقق التوازن المطلوب بين مصالح الممثلين وشركات البث لا يزال موضع نقاش. يجب مراقبة تأثير الاتفاق على التوظيف، وتوزيع الأفلام، والابتكار الإبداعي في الأشهر والسنوات القادمة.

شاركها.