تتوقع مصادر في قطاع صناعة السيارات في كوريا الجنوبية انخفاضًا في صادرات السيارات في عام 2025، وهو ما يمثل أول تراجع سنوي منذ خمس سنوات. يعزى هذا الانخفاض المتوقع إلى عدة عوامل، بما في ذلك زيادة الإنتاج المحلي في الأسواق الخارجية وزيادة الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات، خاصة من الولايات المتحدة. وتشير التقديرات الأولية إلى أن حجم الصادرات قد يتراوح بين 2.71 مليون و2.72 مليون وحدة، بانخفاض طفيف عن العام السابق.
يأتي هذا التوقع في وقت يشهد فيه قطاع السيارات العالمي تحولات كبيرة، مع تزايد التركيز على السيارات الكهربائية وتغيرات في سلاسل التوريد. وقد أثرت هذه التغيرات على القدرة التنافسية للسيارات الكورية في بعض الأسواق الرئيسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة ودول أخرى تؤدي إلى فرض رسوم جمركية قد تعيق نمو الصادرات.
تراجع صادرات السيارات الكورية: نظرة على الأسباب والتداعيات
وفقًا لجمعية السيارات والتنقل الكورية (KAMA)، من المتوقع أن يشهد عام 2024 انخفاضًا في صادرات السيارات، بعد فترة من الانتعاش شهدتها السنوات الأخيرة. فقد ارتفعت الصادرات من 2.04 مليون وحدة في عام 2021 إلى 2.76 مليون وحدة في عام 2023، قبل أن تبدأ في التراجع هذا العام.
السوق الأمريكية: المحرك الرئيسي للانخفاض
يُعد ضعف شحنات السيارات إلى الولايات المتحدة السبب الرئيسي المتوقع لهذا الانخفاض. ففي الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، شكلت الصادرات إلى الولايات المتحدة 49% من إجمالي الصادرات الكورية، لكنها انخفضت بنسبة 7.9% مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى 1.1 مليون وحدة. تشير البيانات إلى أن هذا التراجع بدأ يتضح مع زيادة الإنتاج المحلي للسيارات في الولايات المتحدة.
استثمارات الشركات الكورية في أمريكا
تعكس خطط مجموعة هيونداي موتور لتوسيع إنتاجها في الولايات المتحدة – بما في ذلك المصنع المخصص للسيارات الكهربائية – تحولًا استراتيجيًا نحو تلبية الطلب المحلي وتقليل الاعتماد على الصادرات. وتخطط الشركة لزيادة الطاقة الإنتاجية السنوية للمصنع إلى 500 ألف وحدة.
ومع ذلك، لا يزال تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية يشكل مصدر قلق. على الرغم من تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات الكورية من 25% إلى 15% مؤخرًا، يرى مسؤولو الصناعة أن هذه الرسوم قد تستمر في التأثير على القدرة التنافسية للسيارات الكورية في السوق الأمريكية. السيارات الكهربائية خصوصاً قد تتأثر بهذه التغيرات في الرسوم.
أثر ارتفاع الأسعار على الطلب
يشير خبراء صناعة السيارات إلى أن أي زيادة في أسعار التجزئة في الولايات المتحدة، بهدف الحفاظ على الربحية في ظل الرسوم الجمركية، قد تؤدي إلى ضعف الطلب المحلي على سيارات هيونداي وكيا. قد يدفع ذلك الشركات الكورية إلى مزيد من خفض الصادرات أو إعادة توجيهها إلى أسواق أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التغيرات في أسعار صرف العملات، مثل تقلبات قيمة الوون الكوري مقابل الدولار الأمريكي، يمكن أن تؤثر أيضًا على تنافسية السيارات الكورية في الأسواق الخارجية. تعتبر إداراة تقلبات العملة جزءًا هامًا من استراتيجية الصناعة الكورية.
تحديات السوق العالمية
تواجه شركات صناعة السيارات تحديات متزايدة في الأسواق العالمية، بما في ذلك المنافسة الشديدة من الشركات الصينية التي تعمل على زيادة حصتها السوقية في قطاع السيارات الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي يحد من الطلب على السيارات بشكل عام.
تتزايد أهمية أسواق بديلة مثل أوروبا وآسيا، حيث تسعى الشركات الكورية إلى تعزيز وجودها وتوسيع قاعدة عملائها. ومع ذلك، تتطلب هذه الأسواق استثمارات إضافية وتكييف منتجاتها مع متطلبات المستهلكين المحليين.
من المتوقع أن تستمر هذه العوامل في التأثير على صادرات السيارات الكورية في عام 2025. وسيراقب خبراء السيارات عن كثب تطورات هذه الأسواق وتقييم استجابة الشركات الكورية لهذه التحديات. كما سيكون أداء الاقتصاد الأمريكي، وقرارات الإدارة الأمريكية بشأن الرسوم الجمركية، من بين المؤشرات الرئيسية التي يجب متابعتها.
في الختام، تشير التوقعات إلى أن عام 2025 سيشهد انخفاضًا في صادرات السيارات الكورية، مما يعكس التحديات المتزايدة التي تواجهها صناعة السيارات في بيئة عالمية متغيرة. ستكشف الأشهر القليلة القادمة عن مدى قدرة الشركات الكورية على التكيف مع هذه التحديات والحفاظ على مكانتها في السوق العالمية، مع بقاء تطورات السياسات التجارية العالمية والظروف الاقتصادية العامة عوامل حاسمة في تحديد مسار الصناعة.
