شهد سعر النحاس ارتفاعاً قياسياً جديداً، مدفوعاً بتوقعات إيجابية من بنك “سيتي غروب” بشأن زيادة الطلب واحتمالية حدوث نقص في المعروض. وارتفع سعر المعدن، المستخدم على نطاق واسع في الصناعات المختلفة، إلى 11581.50 دولاراً للطن، متجاوزاً بذلك أعلى مستوى له هذا الأسبوع. يأتي هذا الارتفاع في ظل مخاوف متزايدة بشأن قدرة الإمدادات على تلبية الطلب العالمي المتزايد.
تأتي هذه الزيادة في الأسعار في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تعافياً تدريجياً، مما يزيد من الطلب على المعادن الصناعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التحول نحو الطاقة المتجددة، الذي يتطلب كميات كبيرة من النحاس في البنية التحتية للشبكات الكهربائية والمركبات الكهربائية، يساهم في زيادة الطلب على هذا المعدن الحيوي.
توقعات أسعار النحاس: نظرة إلى الأمام
توقع محللو بنك “سيتي غروب” في مذكرة بحثية حديثة أن متوسط سعر النحاس سيصل إلى 13 ألف دولار للطن خلال الربع الثاني من العام الحالي. ويعزو المحللون هذا التوقع إلى تراكم المخزونات في الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى نقص في مناطق أخرى حول العالم. ويرون أن هذا التراكم يسبق احتمال فرض رسوم جمركية على الواردات، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في الإمدادات.
تأثير الرسوم الجمركية المحتملة
تزايدت التكهنات بشأن فرض رسوم جمركية على واردات النحاس، خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. قد تؤدي هذه الرسوم إلى تقليل المعروض من النحاس في السوق الأمريكية، وبالتالي زيادة الضغط على الأسعار العالمية.
تحذيرات من نقص هيكلي في المعروض
تتفق مؤسسة “بلومبرغ نيو إنيرجي فاينانس” مع هذا التوجه، حيث أشارت في تقرير لها إلى أن سوق النحاس تتجه نحو عجز هيكلي العام المقبل. وتتوقع المؤسسة أن تتسع هذه الفجوة خلال العقد القادم بسبب ارتفاع الطلب وقيود على جانب الإمدادات.
استجابة السوق لتهديد نقص المعروض
استعداداً لمواجهة أزمة محتملة في المعروض، قامت شركة “ميركوريا إنرجي غروب” بسحب ما قيمته 500 مليون دولار من النحاس من مخازن بورصة لندن للمعادن. تعتبر هذه العملية الأكبر من نوعها منذ أكثر من عقد، مما يعكس قلق الشركات بشأن توافر الإمدادات في المستقبل.
يرى محللو “سيتي غروب”، بما في ذلك ماكس ليتون، أن صعود أسعار النحاس سيستمر خلال عام 2026، مدفوعاً بقوة الأساسيات الاقتصادية والظروف الاقتصادية الكلية الداعمة. ومع ذلك، يرى محللون آخرون أن الأسعار قد تكون مبالغاً فيها.
تباين الآراء حول مستقبل أسعار النحاس
على الرغم من التوقعات الإيجابية، أعرب محللون في “ماكواري” عن تحفظهم بشأن استمرار ارتفاع الأسعار. ويرون أن سعر المعدن قد يشهد تقلبات كبيرة وقد يسجل قممًا جديدة، لكن الأسعار فوق 11 ألف دولار للطن غير مستدامة، حيث لا يوجد نقص حقيقي في المعروض على المستوى العالمي.
مخزونات النحاس العالمية
في المقابل، ارتفعت مخزونات النحاس في البورصات العالمية إلى أكثر من 656 ألف طن، وهو الأعلى منذ عام 2018. وتحتفظ مخازن بورصة “كوميكس” في الولايات المتحدة بحوالي ثلثي هذا المخزون.
تتفق وجهة نظر “ماكواري” مع تحذيرات “غولدمان ساكس” التي تشير إلى أن نقص النحاس غير متوقع قبل عام 2029.
في أحدث التطورات، ارتفع سعر النحاس بنسبة 1.1% إلى 11572.50 دولاراً للطن في بورصة لندن للمعادن عند الساعة 11:20 صباحاً بتوقيت شنغهاي. كما شهدت معادن أخرى زيادات طفيفة، حيث ارتفع سعر الألمنيوم بنسبة 0.1% والزنك بنسبة 0.3%.
من المتوقع أن يستمر التركيز على تطورات الإمدادات والطلب على النحاس في الأسابيع والأشهر القادمة. سيكون من المهم مراقبة أي تغييرات في السياسات التجارية، وخاصة فيما يتعلق بالرسوم الجمركية المحتملة، بالإضافة إلى التطورات في قطاع الطاقة المتجددة. ستلعب البيانات الاقتصادية العالمية دوراً حاسماً في تحديد مسار أسعار النحاس في المستقبل القريب.