تشهد واردات الصين من الخام الإيراني انتعاشاً ملحوظاً، حيث تسارع شركات التكرير المستقلة في البلاد من عمليات الشراء سواء من المخزونات الجمركية أو من السفن المنتظرة قبالة السواحل الصينية. يأتي هذا بعد توزيع بكين جولة جديدة من حصص استيراد النفط في أواخر الشهر الماضي، مما يوفر دفعة للشركات التي كانت تعاني من قيود سابقة.

بدأت مصافي التكرير في مقاطعة شاندونغ بالفعل في سحب كميات من الخام الإيراني المخزنة في الموانئ والمصافي، وفقاً لمصادر مطلعة. وتشير التقديرات إلى أن جزءاً كبيراً من هذه الشحنات كان قد تم شراؤها قبل الإعلان عن الحصة الجديدة، مما يعكس استعداد الشركات للاستفادة من أي زيادة في الإمدادات المتاحة.

ارتفاع واردات الخام الإيراني في الصين

تعتبر شركات التكرير الخاصة في الصين، والمعروفة بـ “أباريق الشاي” نظراً لتصميماتها الفريدة، المحرك الرئيسي لعمليات شراء الخام الإيراني والخام الروسي. تفضل هذه الشركات المصادر الأقل تكلفة مقارنة بالأنواع الأخرى من النفط، مما يجعلها لاعباً رئيسياً في سوق النفط العالمي.

تأثير العقوبات على مشتريات النفط

في الربع الرابع من العام الماضي، اضطرت هذه الشركات إلى خفض مشترياتها بشكل كبير بسبب استنفاد حصصها وتأثير العقوبات الدولية. تعتمد بكين على نظام حصص صارم للتحكم في كمية النفط التي يمكن للمصافي غير الحكومية استيرادها، مما يحد من قدرتها على الاستجابة لتقلبات السوق.

ومع ذلك، تتوقع شركة “فورتكسا” (Vortexa) أن يظل الطلب من المصافي الصغيرة المستقلة ضعيفاً حتى نهاية العام، ويرجع ذلك جزئياً إلى انخفاض هوامش الربحية في عمليات التكرير. وهذا يعني أن كميات كبيرة من النفط الخاضع للعقوبات قد تظل متراكمة على متن الناقلات في البحر.

صرحت إيما لي، كبيرة محللي السوق الصينية لدى “فورتكسا”، بأن هذا الوضع قد يستمر طالما لم تتحسن الظروف الاقتصادية للمصافي المستقلة.

توزيع الحصص الصينية وتأثيره على السوق

عادةً ما تعلن السلطات الصينية عن الحصة السنوية الإجمالية لاستيراد النفط، لكنها لا تفصح عن تفاصيل الدفعات المرحلية التي تشكل هذا الرقم النهائي. تشير التقديرات إلى أن حوالي 20 مصفاة صغيرة مستقلة حصلت على ما بين 7 و 8 ملايين طن في أحدث جولة تخصيص.

أظهرت بيانات تتبع السفن أن ناقلتي نفط عملاقتين تحملان الخام الإيراني قد فرغتا حمولتيهما في موانئ صينية مختلفة هذا الأسبوع. أفرغت إحدى السفينتين، المسجلة تحت علم بنما باسم “إيل غاب”، حوالي مليوني برميل من النفط في ميناء ريتشاو.

لم ترد الشركات المشغلة للسفينة ومالكتها على طلبات التعليق، لكنهما ليستا مدرجتين على قوائم العقوبات الغربية.

ارتفعت كميات الخام الإيراني المحتجزة على متن الناقلات إلى أكثر من 54 مليون برميل هذا الأسبوع، وهو أعلى مستوى منذ حوالي عامين ونصف، وفقاً لبيانات “كبلر”.

الصين كأكبر مستهلك للنفط الإيراني

تظل الصين أكبر مستهلك للنفط الإيراني الخاضع للعقوبات، حيث ارتفعت صادرات طهران مؤخراً بأسرع وتيرة لها منذ سنوات. نظراً لقلة المشترين المحتملين، غالباً ما يتم عرض النفط الإيراني بأسعار منخفضة لجذب العملاء.

عرضت بعض الشحنات من الخام الإيراني الخفيف هذا الأسبوع بخصم يتراوح بين 8 و 9 دولارات للبرميل مقارنة بعقود “برنت”، في حين كان الخصم حوالي 4 دولارات في أغسطس. كما ساهم تشديد العقوبات على روسيا في خفض أسعار النفط الروسي أيضاً.

استنفدت العديد من المصافي الصينية حصصها بوتيرة أسرع من المعتاد هذا العام بسبب تشديد النظام الضريبي على المواد البديلة مثل زيت الوقود. منذ عام 2024، تتلقى المصافي حصصها السنوية بالكامل مقدماً لتسهيل التخطيط، لكن هذا النظام غالباً ما يؤدي إلى نقص في الحصص قبل نهاية العام.

من المتوقع أن تواصل الصين لعب دور محوري في استيراد الخام الإيراني في الأشهر المقبلة. سيكون من المهم مراقبة التطورات المتعلقة بالعقوبات الدولية، وتوزيع الحصص الصينية، وتقلبات أسعار النفط العالمية لتقييم تأثيرها على سوق النفط الإيراني.

شاركها.