شهدت أسعار الفضة تراجعًا ملحوظًا اليوم، متراجعة عن أعلى مستوياتها التاريخية، وذلك بعد موجة جني أرباح من المتعاملين واستقرار مؤشر قوة الدولار الأمريكي. يأتي هذا التطور في الوقت الذي حافظ فيه سعر الذهب على استقراره نسبيًا، مما يعكس تباينًا في أداء المعادن الثمينة في الأسواق العالمية.

انخفض سعر المعدن الأبيض بنسبة تصل إلى 3.2% بعد أن بلغ 58.9789 دولارًا للأونصة في الجلسة السابقة. يعكس هذا الانخفاض تحولًا في معنويات السوق بعد ارتفاعات متتالية دفعت الأسعار إلى مستويات قياسية، مدعومة بتوقعات خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وقيود العرض.

تأثير بيانات الوظائف على أسعار الفضة والدولار

أظهرت بيانات التوظيف الأمريكية الصادرة أمس الأربعاء تباطؤًا حادًا في نمو الوظائف في القطاع الخاص خلال شهر نوفمبر، حيث فقدت الشركات الأمريكية وظائف بأكبر وتيرة منذ أوائل عام 2023. وفقًا لـ “إيه دي بي” للأبحاث، يعزز هذا التباطؤ التوقعات بضرورة اتخاذ إجراءات من قبل الاحتياطي الفيدرالي لتحفيز الاقتصاد.

وازداد بشكل كبير الرهان على قيام الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال اجتماع 9 و 10 ديسمبر الحالي. تعتبر أسعار الفائدة المنخفضة عادةً محفزًا للمعادن الثمينة، بما في ذلك الذهب والفضة، حيث تقلل من جاذبية الأصول التي تدر دخلاً.

في المقابل، استقر مؤشر “بلومبرغ” للدولار الفوري بعد أن لامس أدنى مستوياته منذ أواخر أكتوبر. عادةً ما يؤدي ضعف الدولار إلى تسهيل شراء المعادن الثمينة بالنسبة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما يزيد الطلب ويرفع الأسعار. لكن اليوم، بدا أن استقرار الدولار ساهم في الضغط على أسعار الفضة.

الطلب المضاربي وتدفقات الصناديق

تضاعفت قيمة الفضة تقريبًا هذا العام، متفوقةً على الارتفاع الذي حققه الذهب بنسبة 60%، مما يؤكد قوة الطلب على هذا المعدن. ويعود الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى المضاربات وارتفاع الطلب الاستثماري.

شهدت الفضة في أكتوبر الماضي موجة شراء تاريخية أدت إلى تدفقات قياسية إلى مستودعات لندن، مما أدى إلى نقص في الإمدادات في مناطق أخرى. كما انخفضت المخزونات المرتبطة بمستودعات بورصة شنغهاي للمستقبلات إلى أدنى مستوى لها منذ عقد.

بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن تدفقات الاستثمار الكبيرة إلى صناديق الفضة المتداولة، وخاصة من المستثمرين الأفراد، قد ساهمت في تضخيم حركة الأسعار. ويزيد هذا الأمر من التقلبات، خاصة في ظل محدودية السيولة.

ويراقب المستثمرون عن كثب التطورات المتعلقة بإمكانية فرض رسوم جمركية على الفضة في الولايات المتحدة، بعد إدراج المعدن في قائمة المعادن الحيوية التي وضعها المعهد الجيولوجي الأمريكي. ووفقًا لدانيال غالي، كبير استراتيجيي السلع في “تي دي سيكيوريتيز”، فإن احتمال فرض “علاوة أمريكية” دفع بالفعل كميات كبيرة من الفضة إلى بورصة “كوميكس”، متوقعًا أن تظل السيولة محدودة حتى تتضح سياسة الرسوم الجمركية.

في أحدث تعاملات اليوم، انخفضت أسعار الفضة بنسبة 1.5% لتصل إلى 57.602 دولار للأونصة بحلول الساعة 11:37 صباحًا بتوقيت لندن. في المقابل، بقي الذهب مستقرًا عند 4201.23 دولارًا للأونصة، بينما تراجع سعر البلاتين واستقر سعر البلاديوم.

مستقبلًا، من المتوقع أن تستمر أسعار الفضة في التذبذب بناءً على تطورات بيانات الاقتصاد الأمريكي، ومواقف الاحتياطي الفيدرالي، والتطورات المتعلقة بالسياسات التجارية. سيبقى المستثمرون يراقبون عن كثب قرارات الفائدة والمؤشرات الاقتصادية الرئيسية، بالإضافة إلى أي إعلانات تتعلق بالرسوم الجمركية المحتملة على الفضة، والتي قد تؤثر بشكل كبير على ديناميكيات السوق.

شاركها.