أظهرت ردود الفعل الرسمية في مدينة كراتشي الباكستانية، بعد حادثة حريق مأساوية في مصنع للألعاب النارية، محاولات لقمع المطالبات بالمساءلة عن الكارثة التي أودت بحياة ما لا يقل عن 159 شخصًا. وتكشف هذه الجهود عن تأثير الصين المتزايد في المدينة، حيث يمتلك مستثمرون صينيون المصنع المتضرر. وتثير هذه القضية تساؤلات حول الشفافية والمساءلة في المشاريع الاستثمارية الأجنبية في باكستان، خاصةً تلك التي تشمل المساءلة عن كارثة كراتشي.

وقع الحريق في 12 أغسطس 2023، في مصنع للألعاب النارية يقع في منطقة كورتي، وهي منطقة صناعية في كراتشي. وقد أدى الحريق إلى مقتل 159 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 30 آخرين، وفقًا لبيانات وزارة الداخلية الباكستانية. وتعتبر هذه الحادثة من أسوأ الكوارث الصناعية في تاريخ باكستان.

تأثير الصين و محاولات قمع المساءلة عن كارثة كراتشي

يعتبر المصنع المتضرر مملوكًا لشركة صينية، مما أثار تساؤلات حول معايير السلامة والرقابة في المشاريع الاستثمارية الصينية في باكستان. وتشير التقارير إلى أن المصنع كان يعمل بدون تراخيص السلامة اللازمة، وأن هناك مخالفات متعددة في إجراءات السلامة.

الخلفية الاقتصادية والاستثمارية

تعتبر الصين شريكًا تجاريًا واقتصاديًا رئيسيًا لباكستان، وتستثمر بكثافة في مشاريع البنية التحتية في البلاد، بما في ذلك مشاريع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان (CPEC). ومع ذلك، أثارت بعض هذه المشاريع مخاوف بشأن الشفافية والمساءلة، وتأثيرها على البيئة والمجتمعات المحلية.

وبحسب مصادر إعلامية، بدأت السلطات في كراتشي في اتخاذ إجراءات للحد من التغطية الإعلامية للحريق، وحجب المعلومات المتعلقة بالتحقيقات. كما وردت تقارير عن ضغوط تمارس على الصحفيين والناشطين الذين يطالبون بالمساءلة.

ردود الفعل الرسمية والتحقيقات

أعلنت الحكومة الباكستانية عن فتح تحقيق في الحادث، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عن الكارثة. ومع ذلك، يرى مراقبون أن التحقيق يفتقر إلى الشفافية والاستقلالية، وأن هناك محاولات للتغطية على الحقائق.

أصدرت وزارة الصناعة الباكستانية بيانًا أكدت فيه التزامها بتطبيق معايير السلامة في جميع المصانع، وأعلنت عن تشديد الرقابة على المشاريع الاستثمارية الأجنبية. لكن هذه التصريحات لم تمنع استمرار الانتقادات الموجهة للحكومة بسبب بطء التحقيقات وعدم وجود معلومات كافية حول أسباب الحريق.

بالإضافة إلى ذلك، أثارت الحادثة جدلاً حول دور السلطات المحلية في الرقابة على المصانع والتأكد من التزامها بمعايير السلامة. ويقول خبراء في مجال السلامة إن هناك نقصًا في الموارد والتدريب اللازمين لتنفيذ الرقابة الفعالة.

تداعيات الحريق وتأثيره على العلاقات الباكستانية الصينية

أثار الحريق موجة من الغضب والاستياء بين المواطنين الباكستانيين، الذين طالبوا بمحاسبة المسؤولين عن الكارثة. كما أثار الحادث تساؤلات حول مدى التزام الشركات الصينية بمعايير السلامة والمسؤولية الاجتماعية في باكستان.

في المقابل، أعربت الحكومة الصينية عن تعازيها في ضحايا الحريق، وأكدت على أهمية التعاون مع باكستان في التحقيق في الحادث. ومع ذلك، لم تصدر أي تصريحات رسمية حول مسؤولية الشركة الصينية المالكة للمصنع.

يعتبر هذا الحريق بمثابة اختبار للعلاقات الباكستانية الصينية، حيث يراقب المراقبون عن كثب كيفية تعامل الحكومتين مع القضية. ويتوقع البعض أن يؤدي الحادث إلى إعادة تقييم المشاريع الاستثمارية الصينية في باكستان، وتشديد الرقابة على معايير السلامة.

المساءلة عن كارثة كراتشي أصبحت قضية رأي عام رئيسية في باكستان، حيث يطالب المواطنون بمعرفة الحقيقة ومحاسبة المسؤولين. كما يطالبون بتعزيز معايير السلامة في المصانع، وحماية حقوق العمال.

في الوقت نفسه، يثير الحريق تساؤلات حول دور الاستثمار الأجنبي في التنمية الاقتصادية لباكستان. ففي حين أن الاستثمار الأجنبي يمكن أن يوفر فرص عمل ويعزز النمو الاقتصادي، إلا أنه يجب أن يتم بطريقة مسؤولة ومستدامة، مع احترام حقوق العمال وحماية البيئة.

تتجه الأنظار الآن نحو نتائج التحقيق الرسمي في الحريق، والتي من المتوقع أن تصدر في غضون شهر واحد، وفقًا لتصريحات وزارة الداخلية. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الغموض حول أسباب الحريق ومدى مسؤولية الشركة الصينية.

ما زال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة الباكستانية ستتمكن من تحقيق المساءلة عن كارثة كراتشي بشكل كامل، أم أنها ستضطر إلى التنازل عن بعض المطالب من أجل الحفاظ على العلاقات الجيدة مع الصين. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في هذه القضية، وتقييم تأثيرها على العلاقات الباكستانية الصينية والمستقبل الاستثماري في البلاد.

شاركها.