شهدت أسعار النحاس انخفاضًا ملحوظًا من مستوياتها القياسية الأخيرة، حيث تراجعت إلى حوالي 11160 دولارًا للطن في بورصة لندن للمعادن. يأتي هذا الانخفاض بعد فترة من الارتفاعات المستمرة، مدفوعة بمخاوف بشأن نقص الإمدادات العالمية، ولكنه يعكس الآن مؤشرات على تباطؤ الطلب في الصين مع حلول فصل الشتاء. هذا التراجع يؤثر على الأسواق العالمية للمعادن ويثير تساؤلات حول مسار الأسعار في الفترة القادمة.

يوم الاثنين، أنهى المعدن الصناعي موجة مكاسب استمرت يومين، متراجعًا بنسبة 1.5% عن أعلى مستوى له على الإطلاق الذي سجله في الجلسة السابقة. كما انخفضت العقود الآجلة للنحاس في بورصة كومكس في الولايات المتحدة، مما يشير إلى تأثير عالمي لهذا التراجع. يُذكر أن النحاس يعتبر من أهم المعادن الصناعية المستخدمة في مجموعة واسعة من التطبيقات.

سعر النحاس وتأثير الطلب الصيني

أوضحت تحليلات حديثة من شركة “جينروي فيوتشرز” أن الطلب الموسمي من الشركات المصنعة في الصين، أكبر مستهلك عالمي للنحاس، قد شهد انخفاضًا ملحوظًا. هذا التباطؤ في الطلب أدى إلى زيادة المعروض من النحاس الصيني المتاح للتصدير، مما ساهم في الضغط على الأسعار.

بالإضافة إلى ذلك، انخفضت “علاوة يانغشان” – وهي المبلغ الذي يدفعه التجار لاستيراد النحاس إلى الصين – إلى أدنى مستوى لها منذ شهر يوليو. يعكس هذا الانخفاض ضعف الرغبة في استيراد النحاس إلى الصين، مما يزيد من الضغوط على الأسعار العالمية.

أداء النحاس خلال العام الحالي

على الرغم من هذا التراجع الأخير، لا يزال النحاس مرتفعًا بنحو 27% منذ بداية العام في بورصة لندن للمعادن. يعزى هذا الارتفاع العام إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك التوقعات بتزايد الطلب على النحاس في قطاعات الكهرباء والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى المخاوف المستمرة بشأن الإمدادات.

يشير المحللون إلى أن النحاس يلعب دورًا حاسمًا في التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة، مما قد يدعم الطلب عليه على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن التطورات الاقتصادية في الصين، والتي تمثل أكثر من نصف الطلب العالمي على النحاس، تظل عاملاً رئيسيًا يؤثر على الأسعار.

ضغوط الإمدادات وتطورات السوق

كشف مؤتمر النحاس الذي استضافته شنغهاي الأسبوع الماضي عن الضغوط المتزايدة على جانب الإمداد. وقد شهدت العلاوات السنوية لشراء الكاثود ارتفاعًا كبيرًا، مما يعكس صعوبة الحصول على النحاس بكميات كافية.

تخوض المصاهر الصينية حاليًا مفاوضات صعبة مع شركات التعدين لتحديد شروط توريد الخام السنوية، وذلك في ظل النقص العالمي في المواد الخام بعد سلسلة من الاضطرابات غير المتوقعة في المناجم. هذه المفاوضات قد تؤثر على تكلفة الإنتاج وبالتالي على أسعار النحاس في المستقبل.

ومع ذلك، فقد خفف إعلان شركة “إيفانهو ماينز” عن بدء تشغيل مصهر النحاس “كاموا-كاكولا” في جمهورية الكونغو الديمقراطية من بعض هذه المخاوف. يُعد هذا المصهر الأكبر في أفريقيا، بطاقة إنتاج سنوية تبلغ 500 ألف طن من النحاس الصلب، ومن المتوقع أن يساهم في زيادة المعروض العالمي.

في الوقت الحالي، يراقب التجار عن كثب حركة الأسعار في الولايات المتحدة، حيث لا تزال الأسعار أعلى من تلك الموجودة في لندن. هناك توقعات بأن تفرض واشنطن رسومًا جمركية على الواردات، مما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على النحاس المنتج محليًا. الاستثمار في المعادن الصناعية، مثل الألومنيوم والزنك، يتأثر بشكل مباشر بتقلبات سعر النحاس.

بشكل عام، يشير التراجع الأخير في أسعار النحاس إلى فترة من عدم اليقين في السوق. من المتوقع أن تستمر الأسعار في التقلب بناءً على التطورات الاقتصادية في الصين، ومفاوضات الإمدادات، وأي تغييرات في السياسات التجارية العالمية. سيراقب المستثمرون عن كثب البيانات الاقتصادية الصينية القادمة، بالإضافة إلى أي أخبار تتعلق بمشاريع تعدين النحاس الجديدة، لتقييم الاتجاه المستقبلي لأسعار النحاس.

شاركها.