أعلنت مدينة سان فرانسيسكو عن رفع دعوى قضائية ضد شركات أغذية كبرى، تتهمها بتصنيع وبيع ما يسمى بـ “الأطعمة فائقة المعالجة” والتي تساهم بشكل كبير في تفاقم أزمة صحية عامة. تأتي هذه الخطوة في ظل تزايد التدقيق في الولايات المتحدة بشأن الأطعمة المصنعة ومكوناتها، وتسلط الضوء على المخاوف المتزايدة بشأن تأثير هذه الأطعمة على الصحة العامة. الدعوى القضائية تركز على تأثير هذه الأطعمة على زيادة معدلات السمنة والأمراض المزمنة.
رفع المدعي العام لمدينة سان فرانسيسكو، ديفيد تشيو، الدعوى القضائية يوم 2 ديسمبر، وتستهدف 11 علامة تجارية شهيرة هي: شركة كرافت هاينز، وموندليز إنترناشيونال، و بوست هولدينغز، وشركة كوكا كولا، وبيبسي كوايت، وجنرال ميلز، ونستله، و كيلانوفا، دبليو كيه كيلوج، ومارز، وكوناجرا براندز. وتزعم الدعوى أن هذه الشركات حققت أرباحًا طائلة من خلال بيع الأطعمة التي تسبب الإدمان، متجاهلةً في الوقت نفسه المخاطر الصحية المرتبطة بها.
دعوى قضائية ضد شركات الأطعمة بسبب “الأطعمة فائقة المعالجة”
تعتمد الدعوى القضائية على فكرة أن هذه الشركات قامت بتصميم منتجاتها بطرق تجعلها جذابة بشكل خاص وتؤدي إلى الإفراط في تناولها. يُقال إن الأطعمة الفائقة المعالجة تحتوي على مستويات عالية من السكر والدهون والملح، بالإضافة إلى مواد مضافة أخرى، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. وفقًا للمدعي العام تشيو، كانت هذه الشركات على علم بالتأثيرات السلبية لمنتجاتها، لكنها أخفت هذه المعلومات عن الجمهور.
أوجه الاتهام الرئيسية
تشمل الاتهامات الموجهة للشركات ما يلي:
- عدم تضمين تحذيرات صحية على منتجاتها.
- تقديم ادعاءات مضللة حول الفوائد الصحية لهذه الأطعمة.
- استهداف الأطفال بشكل خاص من خلال حملات تسويقية مكثفة.
تشمل المنتجات التي تغطيها الدعوى القضائية مجموعة واسعة من الأطعمة، بما في ذلك حبوب الإفطار، والحلويات، والمشروبات الغازية، والوجبات الجاهزة. تُعتبر هذه المنتجات من العناصر الأساسية في النظام الغذائي للعديد من سكان سان فرانسيسكو، وتُلقى عليها مسؤولية كبيرة في زيادة معدلات السمنة وأمراض القلب والسكري من النوع الثاني.
يُلقي المدعي العام تشيو باللوم على هذه الشركات في تكبد دافعي الضرائب تكاليف الرعاية الصحية المتزايدة الناتجة عن الأمراض المرتبطة بهذه الأطعمة. ويطالب الشركات بالتوقف عن الممارسات التسويقية المضللة ودفع تعويضات مالية لمدينة سان فرانسيسكو.
تأتي هذه الدعوى القضائية في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة تحولاً في الاهتمام بقضايا الغذاء والصحة. ففي أبريل الماضي، أعلن وزير الصحة الأمريكي روبرت إف كينيدي جونيور عن خطط للحد تدريجياً من استخدام ثمانية أنواع من الملونات الغذائية المشتقة من البترول بحلول عام 2027. وتسعى هذه الخطوة إلى تقليل التعرض للمواد الكيميائية التي قد تكون ضارة بالصحة.
بالإضافة إلى ذلك، صرح الرئيس السابق دونالد ترامب في يوليو بأنه وافق مع شركة كوكاكولا على استخدام السكر القصب الحقيقي في منتجاتها في الولايات المتحدة، بدلاً من شراب الذرة عالي الفركتوز الذي تستخدمه حاليًا. يعتبر هذا التغيير بمثابة استجابة للضغوط المتزايدة من المستهلكين الذين يفضلون البدائل الطبيعية.
تعتبر هذه التطورات جزءًا من حركة أوسع تهدف إلى تحسين جودة الطعام المتاح للمستهلكين وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بـ الأطعمة فائقة المعالجة. وتشير إلى اعتراف متزايد بأن النظام الغذائي يلعب دورًا حاسمًا في الصحة العامة.
لم تصدر الشركات الـ 11 ردًا رسميًا على الدعوى القضائية حتى الآن. ومن المتوقع أن يقدموا دفاعهم القانوني في الأيام والأسابيع القادمة. من غير الواضح ما إذا كانت الدعوى القضائية ستنجح في إجبار الشركات على تغيير ممارساتها، ولكنها من المؤكد أنها ستثير نقاشًا عامًا واسع النطاق حول دور الأطعمة المصنعة في أزمة الصحة العامة.
قد يؤدي هذا الإجراء القانوني في سان فرانسيسكو إلى إلهام مدن و ولايات أخرى في الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات مماثلة ضد شركات الأغذية. بالإضافة إلى ذلك، قد يدفع شركات الأغذية إلى إعادة تقييم تركيبات منتجاتها واستراتيجياتها التسويقية.
من بين التحديات التي تواجه هذه الدعوى القضائية هو إثبات وجود علاقة سببية مباشرة بين استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة وتطور الأمراض المزمنة. بالإضافة إلى ذلك، قد تثير الدعوى أسئلة حول حدود تدخل الحكومة في اختيارات المستهلكين.
الخطوة التالية المتوقعة هي رد الشركات على الدعوى القضائية وتقديم حججها القانونية. ومن المتوقع أن تكون هناك جلسات استماع ومداولات قانونية في الأشهر المقبلة، وقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً قبل الوصول إلى حكم نهائي. يجب مراقبة تطورات هذه القضية عن كثب، حيث يمكن أن يكون لها تداعيات كبيرة على صناعة الأغذية وصحة المستهلكين.
