:

منحت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مؤخرًا مجموعة جديدة من الصحفيين وبيوت الإعلام صلاحيات اعتماد لتغطية أنشطتها، وذلك بعد رفض العديد من المؤسسات الإخبارية التقليدية التوقيع على قواعد جديدة للتقارير الصحفية. يأتي هذا التطور في ظل توترات متزايدة بين البنتاغون ووسائل الإعلام بشأن الوصول إلى المعلومات والشفافية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل تغطية البنتاغون والإعلام. وقد بدأت هذه التغييرات في الظهور بشكل واضح خلال الأسابيع القليلة الماضية.

تم منح الاعتمادات الجديدة لعدد من الصحفيين الذين يمثلون كيانات إعلامية أقل شهرة، بالإضافة إلى بعض المدونين والمحللين المستقلين. يأتي هذا بعد أن وضعت وزارة الدفاع مجموعة جديدة من القواعد التي تهدف إلى ضمان دقة التقارير ومنع تسريب المعلومات الحساسة. رفضت مؤسسات إخبارية رئيسية مثل أسوشيتد برس ورويترز ونيويورك تايمز هذه القواعد، معلنةً أنها تقوض مبادئ حرية الصحافة.

الخلاف حول قواعد تغطية البنتاغون الجديدة

يكمن جوهر الخلاف في اشتراطات جديدة تتعلق بعملية التحقق من المعلومات قبل نشرها، بالإضافة إلى قيود على الوصول إلى بعض المناطق والمسؤولين في البنتاغون. تعتبر المؤسسات الإخبارية الرافضة أن هذه القواعد تمنح البنتاغون حق الرقابة على التقارير، وهو أمر غير مقبول. وفقًا لبيانات أصدرتها هذه المؤسسات، فإنها تلتزم بالدقة والموضوعية المهنية، وأن قواعد البنتاغون تعتبر تدخلًا غير مبرر في عملها.

أسباب رفض المؤسسات الإخبارية

تضمنت أسباب الرفض الرئيسية ما يلي: طلب البنتاغون مراجعة التقارير قبل النشر، وقيود على عدد الصحفيين المسموح لهم بحضور بعض الفعاليات، وعدم وجود آلية واضحة للاستئناف على قرارات رفض الاعتماد. ترى المؤسسات الإخبارية أن هذه القيود ستؤدي إلى تأخير نشر الأخبار وتقويض قدرتها على محاسبة الحكومة.

من جهته، دافع البنتاغون عن قواعده الجديدة، مشيرًا إلى أنها ضرورية لحماية الأمن القومي ومنع نشر معلومات مضللة. أكد مسؤولون في الوزارة أن الهدف ليس تقييد حرية الصحافة، بل ضمان أن تكون التقارير دقيقة ومسؤولة. وذكروا أن التهديدات السيبرانية وتزايد انتشار الأخبار الكاذبة يتطلبان اتخاذ تدابير إضافية لحماية المعلومات.

بدأ هذا التوتر يتصاعد في الأشهر الأخيرة، خاصةً بعد بعض الحوادث التي شملت نشر معلومات غير دقيقة حول العمليات العسكرية الأمريكية. كما لعبت المخاوف من تأثير المعلومات المضللة على الرأي العام دورًا في تشديد البنتاغون لقواعده. الجدير بالذكر أن علاقة البنتاغون بالإعلام شهدت فترات من التوتر والتعاون على مر السنين.

هذا التطور أثار قلق منظمات الدفاع عن حقوق الصحفيين، مثل لجنة حماية الصحفيين (CPJ) ومنظمة مراسلون بلا حدود (RSF). حذرت هذه المنظمات من أن القيود المفروضة على الصحفيين قد تؤدي إلى إضعاف الرقابة الديمقراطية على وزارة الدفاع. كما أعربت عن قلقها بشأن تأثير هذه التغييرات على قدرة الجمهور على الحصول على معلومات دقيقة حول السياسات العسكرية الأمريكية.

ومع منح الاعتمادات الجديدة لوسائل إعلام بديلة، يتوقع البعض أن تشهد تغطية البنتاغون تحولًا نحو المزيد من وجهات النظر المختلفة. قد يوفر هذا فرصة لتغطية أكثر شمولاً للقضايا المتعلقة بوزارة الدفاع، ولكنه قد يثير أيضًا تساؤلات حول مصداقية وموثوقية المصادر الجديدة. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي إلى تغييرات في طريقة تناول الأخبار المتعلقة بالبنتاغون، مما يتطلب من الجمهور المزيد من الحذر والتدقيق.

من ناحية أخرى، يثير هذا الإجراء تساؤلات حول مدى فعالية القيود الجديدة في تحقيق أهدافها المعلنة. فقد يجد الصحفيون الذين رفضوا التوقيع على القواعد طرقًا أخرى للحصول على المعلومات وتغطية أخبار البنتاغون. كما أن القيود قد تؤدي إلى زيادة الاعتماد على مصادر غير رسمية أو مسربة، مما قد يزيد من خطر نشر معلومات غير دقيقة. يشير بعض المحللين إلى أن هذه الثغرات قد تتطلب من البنتاغون إعادة النظر في قواعده وتعديلها.

تعكس هذه القضية تحديات أوسع تواجه العلاقة بين الحكومات ووسائل الإعلام في العصر الرقمي. مع تزايد أهمية المعلومات وتأثيرها على الرأي العام، تسعى الحكومات بشكل متزايد إلى السيطرة على تدفق المعلومات. في المقابل، تصر وسائل الإعلام على حقها في تغطية الأخبار بحرية ودون تدخل. هذا الصراع على الوصول إلى المعلومات والشفافية يتوقع أن يستمر في السنوات القادمة. يشمل هذا أيضًا الجوانب المتعلقة بـالأخبار العسكرية و السياسة الإعلامية.

من المتوقع أن يعقد البنتاغون اجتماعًا مع ممثلين عن المؤسسات الإخبارية الرافضة في الأسبوع المقبل لمناقشة الخلاف وتحديد ما إذا كان هناك مجال للتوصل إلى حلول توافقية. في غضون ذلك، تواصل وزارة الدفاع منح الاعتمادات المؤقتة للصحفيين الذين يلتزمون بقواعدها الجديدة. يبقى من غير الواضح ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق، أو ما إذا كانت العلاقة بين البنتاغون ووسائل الإعلام الرئيسية ستتدهور أكثر. يجب مراقبة تطورات هذا الوضع عن كثب لمعرفة تأثيره على تغطية البنتاغون وعلى حرية الصحافة بشكل عام.

شاركها.