شهد الأردن نموًا اقتصاديًا ملحوظًا في الربع الثالث من عام 2024، مدفوعًا بشكل أساسي بقطاع السياحة والتحسينات في الاستثمار الأجنبي المباشر. هذا النمو في الأردن يمثل علامة إيجابية بعد فترة من التحديات الاقتصادية، ويشير إلى تعافٍ تدريجي للاقتصاد الوطني. وقد أعلنت وزارة التخطيط والاقتصاد الأردنية عن هذه النتائج في بيان رسمي صدر يوم الأحد الموافق 22 أكتوبر 2024.
النمو الاقتصادي، الذي بلغ 2.8% في الربع الثالث، يأتي بعد نمو بنسبة 2.3% في الربع الثاني. ويشمل هذا النمو جميع القطاعات الرئيسية، مع مساهمة كبيرة من قطاع الخدمات، وخاصة السياحة. يغطي هذا التقرير الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2024، ويقدم تقييمًا شاملاً لأداء الاقتصاد الأردني.
الوضع الاقتصادي في الأردن: محركات النمو والتحديات
يعزى النمو الاقتصادي في الأردن بشكل كبير إلى زيادة عدد السياح القادمين إلى المملكة. فقد شهدت المملكة ارتفاعًا في أعداد السياح بنسبة 15% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لبيانات وزارة السياحة والآثار. هذا الارتفاع يعكس الجهود المستمرة لتعزيز السياحة كركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.
قطاع السياحة والآثار
ساهمت المواقع الأثرية والتاريخية في الأردن، مثل البتراء والوادي الرمي، في جذب السياح من مختلف أنحاء العالم. بالإضافة إلى ذلك، أدت الحملات التسويقية التي تهدف إلى الترويج للسياحة في الأردن إلى زيادة الوعي بالمملكة كوجهة سياحية متميزة. وقد أدى ذلك إلى زيادة الإيرادات السياحية بنسبة 20%.
بالإضافة إلى السياحة، لعب الاستثمار الأجنبي المباشر دورًا هامًا في دعم النمو الاقتصادي. فقد ارتفعت الاستثمارات الأجنبية بنسبة 10% في الربع الثالث، وفقًا لبيانات بنك الأردن المركزي. تركزت هذه الاستثمارات بشكل رئيسي في قطاعات الطاقة المتجددة والعقارات.
ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد الأردني يواجه بعض التحديات. فارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية يمثل ضغطًا على المستهلكين والشركات. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال البطالة مرتفعة، حيث بلغت 11.8% في الربع الثالث، وفقًا لدائرة الإحصاءات العامة.
التضخم وأسعار الفائدة
شهد الأردن ارتفاعًا في معدل التضخم خلال الأشهر الأخيرة، مدفوعًا بشكل أساسي بارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية. وقد اتخذ بنك الأردن المركزي عدة إجراءات للسيطرة على التضخم، بما في ذلك رفع أسعار الفائدة. ومع ذلك، لا يزال التضخم يمثل تحديًا كبيرًا للاقتصاد.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الأردن تحديات تتعلق بالديون العامة. فقد بلغ الدين العام حوالي 85% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية الربع الثالث، وفقًا لوزارة المالية. تسعى الحكومة إلى خفض الدين العام من خلال تنفيذ إصلاحات اقتصادية وزيادة الإيرادات الضريبية.
في المقابل، يشير تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي إلى أن الأردن يحقق تقدمًا في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم الاتفاق عليه مع الصندوق. يهدف هذا البرنامج إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحقيق نمو مستدام. ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتحقيق الأهداف المنشودة.
تأثيرات النمو الاقتصادي على القطاعات المختلفة
أثر النمو الاقتصادي إيجابًا على قطاعات مختلفة في الأردن. فقد شهد قطاع الصناعة زيادة في الإنتاج والمبيعات، مدفوعًا بالطلب المتزايد على المنتجات المحلية. كما شهد قطاع الخدمات تحسنًا في الأداء، وخاصة في مجالات السياحة والتمويل.
بالإضافة إلى ذلك، أدى النمو الاقتصادي إلى زيادة الإيرادات الضريبية للحكومة. وقد سمح ذلك للحكومة بزيادة الإنفاق على الخدمات العامة، مثل التعليم والصحة. ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة إلى زيادة الاستثمار في هذه القطاعات لتحسين جودة الخدمات المقدمة.
الاستثمار في البنية التحتية، مثل الطرق والمطارات والموانئ، يعتبر أمرًا حيويًا لدعم النمو الاقتصادي المستقبلي. تخطط الحكومة لتنفيذ عدة مشاريع بنية تحتية في السنوات القادمة، بهدف تحسين الربط بين المناطق المختلفة وتعزيز التجارة والاستثمار. كما أن تطوير القطاع الخاص يعتبر من الأولويات الرئيسية للحكومة.
في حين أن النمو الاقتصادي الحالي يعد مشجعًا، إلا أنه لا يزال هناك بعض المخاطر التي قد تؤثر على الأداء الاقتصادي في المستقبل. تشمل هذه المخاطر التقلبات في أسعار النفط، والأوضاع الإقليمية غير المستقرة، والتحديات المتعلقة بتغير المناخ. يتطلب التعامل مع هذه المخاطر اتخاذ تدابير استباقية وتنفيذ سياسات اقتصادية حكيمة.
من المتوقع أن يصدر البنك المركزي الأردني تقريره السنوي في نهاية شهر ديسمبر 2024، والذي سيتضمن تقييمًا شاملاً للأداء الاقتصادي في عام 2024 وتوقعات للعام القادم. سيراقب المراقبون عن كثب هذا التقرير للحصول على رؤى حول التحديات والفرص التي تواجه الاقتصاد الأردني. كما ستكون قرارات الحكومة بشأن الميزانية لعام 2025 حاسمة في تحديد مسار النمو الاقتصادي في المستقبل.
