استأنفت شركتا التكرير الهنديتان الحكوميتان “إنديان أويل” و”بهارات بتروليوم” شراء النفط الروسي في يناير، وذلك بعد فترة من التردد بسبب العقوبات الغربية. يأتي هذا التحرك مدفوعًا بالخصومات الكبيرة التي تقدمها روسيا على خامها، بالإضافة إلى توافر الإمدادات من خلال بائعين لا تخضع معاملاتهم للعقوبات بشكل مباشر. يشير هذا التوجه إلى عودة حذرة للهند إلى سوق النفط الروسي، مع مراقبة دقيقة لتطورات العقوبات المستمرة.
وفقًا لمصادر مطلعة، حصلت الشركتان على شحنات نفط روسي بخصم يقدر بنحو 5 دولارات للبرميل مقارنة بسعر خام برنت القياسي، وهو ما يمثل زيادة عن الخصم الذي كان متاحًا قبل شهر. ومع ذلك، من المتوقع أن تظل مشتريات الهند من النفط الروسي محدودة، ولا تتجاوز 600 ألف برميل يوميًا، أي ما يعادل حوالي ثلث حجمها المعتاد خلال معظم العام الماضي.
عودة محدودة للنفط الروسي إلى الهند
تعتبر مصفاة “نايارا إنرجي”، التي تمتلك شركة “روسنفت” حصة فيها، من أكبر المستوردين للنفط الروسي في الهند، حيث تمثل عادةً أكثر من نصف إجمالي حجم الواردات. تُظهر هذه المشتريات أن بعض المصافي الهندية تستغل الفرص المتاحة للاستفادة من الأسعار المنخفضة، بينما تلتزم مصافٍ أخرى بالحياد التام.
تشير التقديرات إلى أن روسيا قد تحقق في المتوسط بين 40 و 45 دولارًا للبرميل بعد خصم تكاليف الشحن، مع إتمام المدفوعات بالدرهم الإماراتي والدولار الأمريكي. هذه الطريقة في الدفع تهدف إلى تجاوز بعض القيود المصرفية المرتبطة بالعقوبات الغربية.
تأثير العقوبات الأمريكية
أدت العقوبات الأمريكية الأخيرة التي استهدفت أربع شركات نفط روسية كبرى – “روسنفت” و”لوك أويل” و”سورغوت نفتيغاز” و”غازبروم نفط” – إلى زيادة التدقيق من قبل البنوك الهندية في أي صفقات تتعلق بالنفط الروسي. هذا التدقيق المشدد قد يعيق قدرة الهند على الاستمرار في استيراد النفط الروسي بنفس الوتيرة.
يُرجح أن تؤدي هذه العقوبات إلى تقليل حصة روسيا في سوق النفط الهندي، مما يفتح الباب أمام دول أخرى، مثل المملكة العربية السعودية، لزيادة صادراتها إلى الهند. هذا التحول قد يؤثر على ديناميكيات سوق النفط العالمية.
في المقابل، اختارت بعض المصافي الهندية، مثل “مانغلور ريفاينري” و”بتروكيميكالز” و”إتش بي سي إل-ميتال إنرجي”، تجنب شراء النفط الخام الروسي تمامًا. كما أعلنت شركة “ريلاينس إندستريز” الخاصة في أواخر نوفمبر أنها ستوقف معالجة النفط الروسي في جزء من مصفاتها العملاقة في “جامناغار”.
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار المحادثات التجارية بين واشنطن ونيودلهي بشأن التجارة مع روسيا، حيث تظل شحنات الخام نقطة خلاف رئيسية. وقد أعربت الإدارة الأمريكية في السابق عن قلقها بشأن استمرار الهند في التجارة مع روسيا.
بالإضافة إلى ذلك، تشهد الهند تحولًا نحو استخدام الدرهم الإماراتي في بعض معاملات شراء النفط، وهو ما يعكس سعيها لتنويع طرق الدفع وتجنب العقوبات الثانوية المحتملة. هذا التوجه يعزز العلاقات التجارية بين الهند والإمارات العربية المتحدة.
من المتوقع أن تستمر الهند في تقييم الوضع الجيوسياسي والاقتصادي بعناية قبل اتخاذ أي قرارات كبيرة بشأن وارداتها من النفط الروسي. سيكون من المهم مراقبة تطورات العقوبات الغربية، ورد فعل روسيا على هذه العقوبات، وأي تغييرات في سياسة الطاقة الهندية. كما يجب متابعة نتائج المحادثات بين الهند والولايات المتحدة بشأن هذه القضية، وتأثيرها على مستقبل التجارة النفطية بين البلدين.
