من المتوقع أن يشهد الاقتصاد المصري تحسنًا ملحوظًا في الفترة القادمة، حيث يتوقع بنك الكويت الوطني خفض البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس خلال عام 2026. يأتي هذا التوقع بعد سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة بلغت 625 نقطة أساس منذ بداية عام 2025، مع اجتماع آخر للجنة السياسة النقدية مقرر الشهر المقبل.

توقعات إيجابية لأسعار الفائدة والتضخم في مصر

تشير تقديرات بنك الكويت الوطني إلى انخفاض معدل التضخم في مصر من متوسط 14% خلال عام 2025 إلى 11% في عام 2026. ويعزى هذا الانخفاض المتوقع إلى عدة عوامل، بما في ذلك سعر صرف مرن وموثوق فيه، وسياسات نقدية مقيدة، وتخفيف قيود سلاسل التوريد، بالإضافة إلى انخفاض أسعار الغذاء على المستوى العالمي.

ومع ذلك، يرى التقرير أن التأثير التضخمي المؤقت على تكاليف الوقود والنقل نتيجة لارتفاع أسعار الوقود المتوقع في أواخر عام 2025 سيكون محدودًا، وذلك بفضل استقرار الطلب وتحسن سيولة النقد الأجنبي.

نمو اقتصادي متوقع

يتوقع التقرير أن يسجل الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 4.7% في السنة المالية 2025-2026، ليصل إلى 5.1% في السنة المالية 2026-2027. ويعود هذا النمو المتوقع إلى انعكاس جهود الاستقرار الاقتصادي الكلي على الاستثمار والاستهلاك والتجارة الخارجية.

ويؤكد التقرير على أن توفر العملات الأجنبية بشكل أكبر ونظام سعر صرف أكثر قابلية للتنبؤ قد قلل من حالة عدم اليقين لدى الشركات، مما أدى إلى استئناف المشاريع الرئيسية في قطاعات السياحة والبناء والخدمات اللوجستية.

تحسن في موارد مصر من العملات الأجنبية

يتوقع بنك الكويت الوطني تحسنًا في ميزان المدفوعات المصري خلال العام المقبل، مدفوعًا بالتعافي في الأنشطة المولدة للعملة الأجنبية، مثل السياحة، واستقرار تدفقات رؤوس الأموال. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تشهد التحويلات المالية من المصريين العاملين في الخارج زيادة ملحوظة بعد تخفيض قيمة الجنيه.

وتحظى السياحة في مصر بأهمية خاصة، حيث من المتوقع أن يساهم افتتاح المتحف المصري الكبير في زيادة أعداد السياح، والتي ارتفعت بالفعل بنحو 21% على أساس سنوي في عام 2025. كما أن تعافي حركة الشحن في البحر الأحمر بعد وقف إطلاق النار في غزة قد عزز إيرادات قناة السويس.

ويشير التقرير إلى أن السياحة وإيرادات قناة السويس، بالإضافة إلى الالتزامات الاستراتيجية بالاستثمار الأجنبي المباشر، ستساهم في إعادة بناء الاحتياطيات الخارجية وتحسين السيولة بالعملات الأجنبية. وقد ارتفع احتياطي النقد الأجنبي بالفعل إلى مستويات غير مسبوقة، متجاوزًا 50 مليار دولار، وهو ما يكفي لتغطية حوالي 8 أشهر من الواردات.

القطاع الصناعي كمحرك للنمو

يرى بنك الكويت الوطني أن القطاع الصناعي يمثل محركًا رئيسيًا للنمو في الاقتصاد المصري، مدعومًا بالحوافز المقدمة للصناعات الموجهة للتصدير، وتحسن توفر الطاقة، وتبسيط الإجراءات التنظيمية. تجذب المناطق الصناعية في مصر، وخاصة في مجالات الكيماويات وتجهيز الأغذية والنسيج، استثمارات جديدة، مع توسع الشركات متعددة الجنسيات في زيادة طاقتها الإنتاجية المحلية.

كما أن الصادرات غير النفطية أصبحت أكثر قدرة على المنافسة بفضل سعر الصرف الأكثر مرونة والطلب العالمي القوي، في حين تظل الصادرات الزراعية مستقرة. ويتوقع التقرير تسارع وتيرة انتعاش الطلب المحلي مع تحسن الثقة، واستقرار الأجور الحقيقية، وزيادة القدرة على التنبؤ بالظروف النقدية.

في الختام، تشير التوقعات إلى استمرار التحسن في الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة، مع التركيز على أهمية استمرار الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر. من المتوقع أن يراقب البنك المركزي المصري عن كثب تطورات التضخم وأسعار الفائدة في الاجتماع القادم، مع الأخذ في الاعتبار التطورات العالمية وتأثيرها على الاقتصاد المحلي. يبقى التحدي الرئيسي هو الحفاظ على استقرار سعر الصرف وضمان استدامة النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

شاركها.