ارتفع عدد ضحايا الحريق الذي دمر مباني في منطقة الحَجّ (الحج) في مكة المكرمة إلى 151 شخصًا، وفقًا لتحديثات رسمية. وكشف تحقيق أولي أن شركات المقاولات المتورطة استخدمت شبكات واقية **رديئة** في تغطية المباني، ثم سعت لإخفاء هذه المخالفات عن عمليات التفتيش. ويتركز الغضب العام حول أسباب تفاقم الحريق وتأخر الاستجابة، مع مطالبات بمحاسبة المسؤولين.
الحريق، الذي اندلع يوم الأربعاء الماضي في 12 يونيو 2024، استهدف بشكل أساسي المباني القديمة التي تستخدم لإقامة الحجاج بشكل غير نظامي في حي العسيلة، بالقرب من الحرم المكي. وقد أثار الحادث موجة إدانة واسعة النطاق، وتساؤلات حول إجراءات السلامة المتبعة في استضافة الحجاج.
تحقيقات تكشف عن شبكات واقية رديئة وتلاعب بالرقابة
أفادت مصادر إخبارية محلية، استنادًا إلى نتائج التحقيقات الأولية، أن شركات المقاولات قامت بتغطية المباني بشبكات **رديئة** لا تتوافق مع معايير السلامة المعتمدة. هذه الشبكات، المصممة لمنع سقوط الحطام وتوفير بعض الحماية ضد انتشار النيران، كانت غير قادرة على أداء وظيفتها بشكل فعال.
مخالفات في مواد البناء
كما أشارت التقارير إلى استخدام مواد بناء غير مطابقة للمواصفات القياسية في بعض المباني المتضررة. هذه المواد، حسب التحقيقات، قد تكون ساهمت في سرعة انتشار الحريق واشتعال النيران.
محاولات التستر على المخالفات
الأمر الأكثر إثارة للقلق، بحسب التحقيقات، هو أن المقاولين قاموا بجهود متواصلة لإخفاء هذه المخالفات عن مفتشي الأمان. تضمنت هذه الجهود تغطية الشبكات الرديئة وتضليل المسؤولين حول حالة المباني.
وبحسب الدفاع المدني، فإن أغلب الضحايا كانوا من الحجاج غير النظاميين الذين أقاموا في المباني المتضررة. يذكر أن إجراءات الإسكان غير الرسمية للحجاج غالبًا ما تفتقر إلى إجراءات السلامة الكافية.
وفقًا لوزارة الحج والعمرة، فإن المملكة العربية السعودية تولي اهتمامًا بالغًا بسلامة الحجاج، وتعمل باستمرار على تحسين الإجراءات والبنية التحتية لاستضافتهم. ومع ذلك، يقرّ مسؤولون بوجود تحديات في التعامل مع أعداد كبيرة من الحجاج غير النظاميين الذين يبحثون عن سكن رخيص.
الجهات الأمنية قامت بتفتيش شامل للمنطقة لتحديد أسباب الحريق الدقيقة، وجمع الأدلة اللازمة لمحاسبة المسؤولين. وقد تم استجواب العديد من أصحاب المباني والمقاولين، فيما يشمل التحقيقات فحص سجلات التراخيص وعمليات الصيانة.
وقد أعلنت الحكومة السعودية عن تقديم دعم عاجل لضحايا الحريق وأسرهم، بما في ذلك توفير الرعاية الطبية والإقامة المؤقتة وتعويضات مالية. كما قامت بتشكيل لجنة تحقيق خاصة لتقصي الحقائق وتقديم توصيات بشأن منع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
يشير خبراء السلامة إلى أن الحريق سلط الضوء على أهمية تطبيق معايير السلامة بشكل صارم في جميع المباني المستخدمة لإيواء الحجاج. كما أكدوا على ضرورة تكثيف الرقابة والتفتيش، وتوقيع عقوبات رادعة على المخالفين. تعتبر قضية **جودة** مواد البناء، خصوصًا الشبكات الواقية، محورًا أساسيًا لمعالجة أوجه القصور.
في سياق متصل، قامت وزارة الداخلية بتكليف فرق متخصصة لمراجعة إجراءات السلامة في جميع مناطق مكة المكرمة التي تستقبل الحجاج. وشملت المراجعة فحص المباني القديمة والتأكد من مطابقتها للمعايير، بالإضافة إلى تقييم خطط الطوارئ والاستعداد للتعامل مع الحوادث المحتملة.
وتعكف السلطات أيضًا على دراسة آليات لتحسين تنظيم عملية إسكان الحجاج، والحد من انتشار الإسكان غير النظامي. وتشمل هذه الآليات توفير المزيد من الخيارات السكنية الميسرة، وتسهيل إجراءات الحصول على التراخيص، وتفعيل دور الرقابة على مكاتب الإسكان.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تركيز متزايد على استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال السلامة، مثل أنظمة الإنذار المبكر وكاميرات المراقبة الحرارية. تهدف هذه الأنظمة إلى الكشف عن الحرائق في مراحلها الأولى، وتسهيل عمليات الإخلاء والإنقاذ. كما أن **السلامة** المرورية في المنطقة تخضع لمراجعة شاملة.
من المتوقع أن تعلن لجنة التحقيق نتائجها النهائية وتوصياتها خلال الأسابيع القليلة القادمة. وستشمل التوصيات إجراءات لتحسين معايير السلامة، وتفعيل الرقابة، ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال. ومع ذلك، تبقى هناك حالة من عدم اليقين بشأن مدى تنفيذ هذه التوصيات على أرض الواقع. وسيظل تطور تطبيق معايير **جودة** الإسكان ومتابعة قضايا **الوقاية** من الحرائق موضع اهتمام بالغ.
تعتبر هذه الحادثة بمثابة جرس إنذار للسلطات السعودية، وتؤكد على الحاجة إلى بذل جهود مضاعفة لضمان سلامة الحجاج، وتوفير بيئة آمنة ومريحة لهم أثناء أداء مناسك الحج. وهناك توقعات بأن تشهد السنوات القادمة تحسينات كبيرة في مجال السلامة، خاصةً فيما يتعلق بإسكان الحجاج.
