شهد سعر النحاس ارتفاعًا تاريخيًا في بورصة لندن للمعادن، مسجلاً مستوى قياسيًا جديدًا، وذلك في ظل تصاعد المخاوف بشأن نقص محتمل في المعروض العالمي. وارتفع سعر المعدن ليصل إلى 11294.5 دولارًا للطن الواحد، بينما سجلت العقود الآجلة في بورصة كوميكس الأمريكية قفزة بنسبة 1.6%، مما يعكس حالة من القلق المتزايد في الأسواق بشأن مستقبل إمدادات هذا المعدن الحيوي.

جاء هذا الارتفاع الحاد بعد مؤتمر كبير للنحاس عُقد في شنغهاي الأسبوع الماضي، سلط الضوء على الضغوط المتزايدة على جانب الإمداد، خاصةً بعد سلسلة من التعطّلات غير المتوقعة في عمليات التعدين خلال العام الماضي. وتفاقم الوضع بسبب صعوبات تواجهها مصاهر النحاس في مفاوضاتها مع شركات التعدين بشأن أسعار توريد الخام، حيث ارتفعت العلاوات السنوية بشكل ملحوظ.

توقعات بنقص حاد في إمدادات النحاس

تعتبر النحاس من المعادن الأساسية في قطاع الطاقة، خاصةً مع التوجه العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة وتوسيع شبكات الكهرباء. وقد انعكس هذا الطلب المتزايد على سعر المعدن، الذي ارتفع بنحو 30% في بورصة لندن للمعادن هذا العام وحده. ويرى العديد من المستثمرين أن النحاس يمثل فرصة استثمارية واعدة على المدى الطويل.

العوامل المؤثرة على الأسعار

تتعدد العوامل التي ساهمت في هذا الارتفاع القياسي في أسعار النحاس. فبالإضافة إلى الضغوط على جانب الإمداد، هناك توقعات بفرض رسوم جمركية على واردات النحاس إلى الولايات المتحدة، مما دفع المتداولين إلى التهافت على نقل المعدن إلى السوق الأمريكية قبل تطبيق هذه الرسوم المحتملة.

وبحسب تقديرات شركة ميركوريا إنرجي غروب، قد يصل حجم النحاس المتجه إلى الولايات المتحدة في الربع الأول من عام 2026 إلى أكثر من نصف مليون طن. هذا التدفق الكبير من النحاس إلى السوق الأمريكية قد يؤدي إلى تفاقم النقص في مناطق أخرى من العالم، مما يزيد من الضغط على الأسعار.

التحول في مجال الطاقة يلعب دورًا كبيرًا في زيادة الطلب على النحاس. فمع التوسع في استخدام السيارات الكهربائية وأنظمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يزداد الطلب على النحاس كمكون أساسي في هذه التقنيات.

تأثير الرسوم الجمركية المحتملة

أثار قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتأجيل البت في الرسوم على المعادن حتى عام 2026 حالة من عدم اليقين في الأسواق. ومع ذلك، فإن التوقعات تشير إلى أن ترامب قد يعيد النظر في هذا القرار العام المقبل، مما قد يؤدي إلى فرض رسوم جمركية على واردات النحاس.

هذا الاحتمال دفع المتداولين إلى الإسراع في نقل النحاس إلى الولايات المتحدة للاستفادة من الأسعار المرتفعة قبل تطبيق الرسوم. في المقابل، شهدت أسعار النحاس في بورصة لندن ارتفاعًا طفيفًا، حيث بلغت 11228.50 دولارًا للطن الواحد بحلول الساعة 10:27 صباحًا في شنغهاي.

بالإضافة إلى النحاس، شهدت معادن أخرى ارتفاعًا في الأسعار في بورصة لندن، حيث ارتفع القصدير بنسبة 1.4% والألمنيوم بنسبة 0.3%. يعكس هذا الارتفاع العام في أسعار المعادن حالة من التفاؤل الحذر بشأن مستقبل الطلب العالمي.

مستقبل أسعار النحاس: نظرة إلى الأمام

من المتوقع أن يستمر سعر النحاس في التقلب خلال الفترة القادمة، مع استمرار الضغوط على جانب الإمداد وتأثير التطورات السياسية والاقتصادية العالمية. ويرى المحللون أن قرار الرئيس الأمريكي بشأن الرسوم الجمركية المحتملة سيكون له تأثير كبير على أسعار النحاس في الأشهر القادمة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب مراقبة التطورات في قطاع التعدين، حيث أن أي تعطّل جديد في عمليات الإنتاج قد يؤدي إلى تفاقم النقص في المعروض وزيادة الأسعار. كما أن التطورات في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل الطلب على النحاس.

الوضع الحالي يتطلب متابعة دقيقة لتقارير الإنتاج والاستهلاك، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاقتصادية، لتقييم المخاطر والفرص في سوق المعادن الأساسية. من المنتظر أن يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية في الربع الأول من عام 2026، وهو ما سيحدد بشكل كبير مسار أسعار النحاس في المستقبل القريب.

شاركها.