أثار تقرير حديث مخاوف متزايدة بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات التجسس السيبرانية، حيث استدعى مشرعون أمريكيون شركات تطوير الذكاء الاصطناعي للإدلاء بشهاداتهم حول كيفية استغلال نماذج معينة في حملة تجسس واسعة النطاق. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة في الأنشطة الاستخباراتية.

وفقًا لتقارير إخبارية، طلب من الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، داريو أمودي، المثول أمام لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب الأمريكي في 17 ديسمبر لشرح كيف استخدمت جهات فاعلة صينية حكومية نموذج Claude Code. يأتي هذا التحقيق بعد أن كشفت Anthropic في وقت سابق من هذا الشهر عن تعرضها لهجوم إلكتروني واسع النطاق، يُعتقد أنه الأول من نوعه، تم تنفيذه بشكل كبير بواسطة نظام ذكاء اصطناعي.

مخاطر الذكاء الاصطناعي في التجسس السيبراني

نفذت مجموعة قرصنة يُطلق عليها اسم GTG-1002 حملة استهدفت حوالي 30 منظمة، حيث تعامل نموذج Claude Code مع معظم مراحل الهجوم، بما في ذلك الاستطلاع، وفحص الثغرات الأمنية، وإنشاء أدوات الاختراق، وسرقة بيانات الاعتماد، وسحب البيانات. ويرأس التحقيق النائب أندرو غاربارينو (جمهوري عن ولاية نيويورك) إلى جانب رؤساء اللجان الفرعية.

تهدف اللجنة إلى الحصول على تفاصيل دقيقة من أمودي حول توقيت اكتشاف النشاط الضار، وكيفية استغلال المهاجمين لنماذج الذكاء الاصطناعي في مراحل مختلفة من الاختراق، وما إذا كانت الإجراءات الأمنية قد نجحت أو فشلت خلال الحملة. ومن المقرر أن يشارك في الجلسة أيضًا مسؤولون تنفيذيون من Google Cloud و Quantum Xchange، وفقًا لتقرير Axios.

صرح غاربارينو أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام نظام ذكاء اصطناعي تجاري من قبل خصم أجنبي لتنفيذ عملية إلكترونية كاملة تقريبًا مع تدخل بشري محدود. وأضاف أن هذا الأمر يجب أن يثير قلق جميع الوكالات الفيدرالية وقطاعات البنية التحتية الحيوية.

تحذيرات مماثلة من المملكة المتحدة

تأتي هذه التحقيقات في أعقاب تحذير مماثل من جهاز الأمن البريطاني MI5، الذي أصدر الأسبوع الماضي تنبيهًا للمشرعين البريطانيين بعد تحديد ضباط استخبارات صينيين يستخدمون ملفات تعريف وهمية لمجندي لاستهداف أعضاء البرلمان والأقران وموظفي البرلمان. وأكد وزير الأمن البريطاني دان جارفيس أن الحكومة البريطانية ملتزمة بالحفاظ على علاقات اقتصادية مع الصين، لكنها مستعدة أيضًا لتحدي أي دولة تقوض أسلوب حياتنا الديمقراطي.

بالتوازي مع هذه التطورات، يحذر المراقبون من أن القدرات نفسها التي تدعم التجسس يمكن أن تؤدي بسهولة إلى تسريع سرقة الأموال. ويشير الخبراء إلى أن السرعة هي السمة المميزة للذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أتمتة المهام التي كانت تتطلب جهدًا يدويًا في السابق على نطاق واسع.

ويوضح شاو والترز، مؤسس مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي Eliza Labs، أن وكالات الاستخبارات يمكنها بسهولة توجيه أنظمة الذكاء الاصطناعي “لاستنزاف المحافظ أو تحويل الأموال دون أن يتم اكتشافها”. ويمكن لهذه الأنظمة بناء علاقات ثقة مع الأهداف وإقناعهم بارتكاب عمليات احتيال.

التهديدات المالية والحلول المحتملة

ويضيف والترز أن هذه الأنظمة يمكن أن تستهدف العقود الذكية على سلاسل الكتل (blockchain). ومع ذلك، على الرغم من سهولة بناء آليات دفاعية ضد هذه الهجمات، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في أن “الأشخاص ذوي النوايا السيئة يحاولون تجاوز الإجراءات الأمنية الموجودة بالفعل” من خلال خداع النماذج للاعتقاد بأنها تساعد، وليس تضر.

تتزايد المخاوف بشأن الأمن السيبراني والتهديدات الرقمية، مما يستدعي الحاجة إلى تطوير استراتيجيات دفاعية متقدمة. وتعتبر الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكن استخدامها في كل من الهجوم والدفاع، مما يجعلها ساحة معركة جديدة في عالم الأمن السيبراني.

من المتوقع أن تستمر التحقيقات في الكونجرس الأمريكي في الأيام والأسابيع المقبلة، مع التركيز على تحديد الثغرات الأمنية في أنظمة الذكاء الاصطناعي وتطوير تدابير وقائية فعالة. وسيراقب الخبراء عن كثب التطورات في هذا المجال، مع الأخذ في الاعتبار التحديات والفرص التي يمثلها الذكاء الاصطناعي في مجال الأمن السيبراني.

شاركها.