تعتزم الحكومة البريطانية فرض ضريبة على المنازل الفاخرة بقيمة تزيد عن مليوني جنيه إسترليني، في خطوة تهدف إلى زيادة الإيرادات الحكومية وتأتي في وقت يشهد فيه قطاع العقارات البريطاني تباطؤًا ملحوظًا. ومن المتوقع أن يبدأ تطبيق هذه الضريبة في أبريل 2028، مما يثير تساؤلات حول تأثيره على سوق العقارات والاستثمارات.

ووفقًا لتقرير صادر عن مكتب مسؤولية الميزانية، والذي نُشر قبل موعده الرسمي، ستتراوح قيمة الضريبة السنوية الإضافية بين 2500 جنيه إسترليني و7500 جنيه إسترليني، اعتمادًا على قيمة العقار. تهدف هذه الخطوة إلى استهداف أصحاب الثروات العقارية، وليس الدخل التقليدي، في محاولة لمعالجة التحديات المالية التي تواجهها المملكة المتحدة.

إعادة تقييم سوق الإسكان الفاخر البريطانية

من المتوقع أن تحقق هذه الضريبة إيرادات سنوية تقدر بنحو 400 مليون جنيه إسترليني بحلول السنة المالية 2029، وفقًا لتوقعات مكتب مسؤولية الميزانية. ومع ذلك، يثير هذا الإجراء مخاوف بشأن التشوهات المحتملة في السوق، خاصةً فيما يتعلق بضرائب العقارات الأخرى مثل ضريبة الدمغة.

وقد أظهرت مؤشرات أولية رد فعل سلبي من قطاع العقارات، حيث انخفضت أسعار أسهم شركات البناء بعد الإعلان عن هذه الضريبة. ويرى خبراء في هذا المجال أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تأجيل قرارات الشراء من قبل المشترين المحتملين، بينما يخضع العقار لعملية إعادة تقييم معقدة.

تأثير الضريبة على أسعار العقارات

تأتي هذه الضريبة في أعقاب سلسلة من التغييرات الضريبية التي أثرت سلبًا على سوق الإسكان الفاخر في بريطانيا خلال العقد الماضي. وقد أدت هذه التغييرات إلى تثبيط المستثمرين عن الدخول في هذا القطاع، مما ساهم في تباطؤ النمو.

ويرى توم بيل، رئيس قسم الأبحاث السكنية في المملكة المتحدة لدى شركة “نايت فرانك”، أن هذه السياسة قد تفوق الاعتبارات الاقتصادية، معتبرًا أنها “تقوض سوق الإسكان مقابل عائد مالي ضئيل للغاية”. ويشير إلى أن التركيز على الثروة بدلاً من الدخل قد يفتح الباب أمام زيادات ضريبية مستقبلية.

ضريبة على الثروة وليست على الدخل

تعتبر هذه الضريبة الجديدة بمثابة تحول في النهج الضريبي البريطاني، حيث تستهدف الثروة العقارية بشكل مباشر بدلاً من الاعتماد على الضرائب على الدخل. وهذا يمثل سابقة قد تؤدي إلى تغييرات أوسع في النظام الضريبي في المستقبل.

وتشير أنيشا بيفريدج، رئيسة قسم الأبحاث في شركة “هامتونز”، إلى أن الضريبة الأولية قد تبدو متواضعة نسبيًا، إلا أنها تمثل بداية لفرض ضرائب على الثروة. وتوضح أن الضرائب الأخرى، مثل ضريبة الدمغة والضريبة على المنازل الثانية، بدأت بمعدلات منخفضة ثم ارتفعت بشكل كبير مع مرور الوقت.

من الجدير بالذكر أن هذه الضريبة ستؤدي إلى أول عملية إعادة تقييم شاملة للعقارات في المملكة المتحدة منذ عام 1991، حيث تعتمد ضرائب مجلس البلدية الحالية على أسعار العقارات في تلك الفترة. وستُفرض رسوم إضافية على العقارات التي تتراوح قيمتها بين مليوني جنيه إسترليني و2.5 مليون جنيه إسترليني بمعدل 2500 جنيه إسترليني سنويًا، بينما ستصل الضريبة إلى 7500 جنيه إسترليني سنويًا للعقارات التي تتجاوز قيمتها 5 ملايين جنيه إسترليني.

بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن المملكة المتحدة تشهد هجرة لأصحاب الملايين، مما قد يؤثر على الإيرادات الضريبية المستقبلية. وتشير دراسة حديثة إلى أن الصين وبريطانيا تواجهان تحديات مماثلة في هذا الصدد.

في الختام، من المتوقع أن تستمر الحكومة البريطانية في دراسة وتقييم تأثير هذه الضريبة على سوق الإسكان والاستثمارات. ويجب مراقبة التطورات المتعلقة بتطبيق هذه الضريبة في أبريل 2028، بالإضافة إلى أي تغييرات محتملة في النظام الضريبي البريطاني بشكل عام. كما أن رد فعل السوق العقارية على المدى الطويل سيكون مؤشرًا هامًا على نجاح هذه السياسة.

شاركها.