في خطوة مفاجئة، قامت شركة أبل بتسريح العشرات من موظفيها في قطاع المبيعات خلال الأسبوعين الماضيين، في إطار إعادة هيكلة شاملة لطريقة تعاملها مع الشركات والمؤسسات التعليمية والجهات الحكومية. هذه الخطوة، التي تتعارض مع الأداء المالي القوي للشركة، تثير تساؤلات حول مستقبل استراتيجية مبيعات أبل وتأثيرها على النمو المستقبلي. وتأتي هذه التسريحات في وقت تشهد فيه شركات التكنولوجيا الكبرى عمليات تقليص للقوى العاملة.
شملت عمليات التسريح فرقًا مختلفة داخل إدارة المبيعات، مع تركيز خاص على الفرق التي تتعامل مع المؤسسات الكبرى، بالإضافة إلى موظفي “مراكز الإحاطة” المخصصة لعرض منتجات أبل على العملاء الحكوميين والشركات الكبيرة. ووفقًا لبيان صادر عن أبل، فإن هذه التغييرات تهدف إلى “ترشيد الهيكل وإزالة الازدواجية”، مع التأكيد على استمرار عمليات التوظيف في مجالات أخرى.
إعادة هيكلة مبيعات أبل: دوافع وخلفيات
تأتي هذه الخطوة في وقت تستعد فيه أبل لتحقيق إيرادات قياسية تقارب 140 مليار دولار في الربع الأخير من عام 2023، مما يجعل قرار التسريح غير متوقع. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن أبل تسعى إلى تبسيط عملياتها وتقليل التكاليف التشغيلية، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون الشركة تستعد لإطلاق منتجات جديدة تستهدف قطاع المؤسسات بشكل خاص.
تأثير التسريحات على الموظفين
أُعطي الموظفون المتأثرون مهلة حتى 20 يناير للعثور على وظائف بديلة داخل الشركة، وإلا سيتم إنهاء خدماتهم مع تقديم حزم تعويضية. وقد أثرت هذه التسريحات على موظفين قضوا سنوات طويلة في الشركة، بمن فيهم العاملون في فرق المبيعات الحكومية التي تتعامل مع جهات حساسة مثل وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة العدل.
التحول نحو الموزعين
يرى بعض الموظفين أن أبل تتجه نحو زيادة الاعتماد على الموزعين وشركاء البيع غير المباشرين لتقليل التكاليف. هذا التحول قد يشير إلى تغيير في استراتيجية أبل التسويقية، حيث تسعى إلى الوصول إلى شريحة أوسع من العملاء من خلال شبكة توزيع أكثر اتساعًا. ومع ذلك، قد يؤدي هذا أيضًا إلى فقدان السيطرة على تجربة العملاء.
موجة تسريحات في قطاع التكنولوجيا
ليست أبل الوحيدة التي تتخذ إجراءات لتقليص القوى العاملة. ففي الآونة الأخيرة، أعلنت أمازون عن إلغاء أكثر من 14 ألف وظيفة، بينما قامت ميتا بتسريح مئات الموظفين في فرق الذكاء الاصطناعي. يعكس هذا الاتجاه حالة من عدم اليقين في قطاع التكنولوجيا، حيث تواجه الشركات تحديات اقتصادية متزايدة.
الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي
تعتبر عمليات التسريح جزءًا من تحول أوسع في قطاع التكنولوجيا، حيث تستثمر الشركات بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي. هذا التحول يتطلب مهارات جديدة وقد يؤدي إلى الاستغناء عن بعض الوظائف التقليدية. استراتيجية أبل تتضمن أيضًا الاستثمار في هذه المجالات، مما قد يؤثر على هيكل القوى العاملة لديها.
منتج جديد يستهدف قطاع المؤسسات
على الرغم من عمليات التسريح، تخطط أبل لإطلاق حاسوب محمول منخفض التكلفة في أوائل العام المقبل، يستهدف بشكل خاص قطاع التعليم والشركات. يهدف هذا المنتج إلى منافسة أجهزة ChromeOS التي تحظى بشعبية كبيرة في هذا القطاع. أجهزة أبل الجديدة قد تساعد في استعادة حصة سوقية في قطاع المؤسسات.
من المتوقع أن تستمر أبل في إعادة تقييم هيكلها التنظيمي واستراتيجيتها التسويقية في الأشهر المقبلة. الوضع الاقتصادي العالمي والتحولات التكنولوجية السريعة ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل الشركة. يجب مراقبة أداء أبل في الربع الأول من عام 2024 لتقييم تأثير هذه التغييرات على نموها وأرباحها.
